ما الذي يحصل في بلادنا؟ الجبهة الإعلامية مشتعلة وحيوية بمعالجة كل القضايا الساخنة ، والاضرابات والاعتصامات على أشدها ، والقدس ، هذه البقعة التي تحظى بولاية أردنية على المقدسات ، تحولت إلى ساحة مواجهات دامية بين الناس العاديين وقوات الاحتلال وقطعان مستوطنيه ، وفي خلفية هذا المشهد الساخن ، هناك شبه غياب للحكومة ، واستجابات بطيئة جدا للتعامل مع ما يحصل ، حتى التصريحات الرسمية التي تخرج بين حين وآخر ، لها سمة الكسل والغموض ، وعلى الصحفي الباحث عن المعلومة أن "يشمشم" بالقرب من مطابخ صنع القرار ، أو أن يجتهد في قراءة "كف" الحدث ، والاعتماد على فهلوته في استخراج الكلام من بين السطور إن وُجدت،.
لقد أمضيت نحو ربع قرن في العمل في مطابخ الصحف والمؤسسات الإعلامية المختلفة ، رسمية وغير رسمية ، وكنت بحكم عملي المتنوع في الصحافة قريبا من صانع القرار على نحو أو آخر ، وأشهد أنني لم أعهد مثل هذه الضبابية التي نعيشها اليوم.
المسؤولية الأساسية تقع على عاتق الحكومة ، ثم رموز وقيادات العمل السياسي العام من سنديانات السياسة والاقتصاد والنخب التي تنتمي إلى نوادي "المسؤولين" السابقين ، الذين صنعوا تاريخنا في ربع القرن الأخير ، أين هؤلاء مما يجري؟ هل باتوا عاجزين عن قراءة المشهد ، كما صرح سياسي كبير غير مرة؟ هل دخلت إلى المعادلة عناصر غامضة ، تعذر معها استشراف المستقبل؟ أين مجالس "النميمة السياسية" التي كانت مصدرا ثريا للمعلومة؟ أم أنه لا يوجد معلومات أصلا؟ هل نعيش حالة انتظار ، تلهينا عن مواجهة ملفات ساخنة ضاغطة؟ قضية القدس مثلا ، هناك حالة سعار إسرائيلية ، أذرعها رسمية وأهلية ، تستهدف الأقصى وبيوت المقدسيين ، والأرض ، لم نكد نسمع صوتا رسميا واحدا محليا أو عربيا أو إسلاميا ، يهتم بما يجري هناك ، ولئن انشغل العرب والمسلمون عن هذا الملف ، فما بال الأردن ، صاحب الولاية القانونية على الأقصى والأوقاف المقدسية؟.
أذكر فيما مضى من سنين حينما كنا تلاميذ على مقاعد الدرس ، أن عريف الصف كان مكلفا بتسجيل الحضور والغياب ، وكان مربي الصف يعتمد قائمة الحضور والغياب هذه ، المؤسف في المسألة أن عريف الصف كان "يلعب" بقائمة الحضور والغياب حسب علاقاته الشخصية ، فيسجل فلانا حاضرا وهو غائب ، فمن هو الحاضر ومن هو الغائب ، في مشهدنا السياسي والحياتي اليوم؟.