الحياة مدرسة هكذا هي، التحقنا بها رغماً عنا وخضعنا لظروفها وفصولها وتلقينا فيها الدروس المؤلمة والصفعات تلو الصفعات، تعلمنا فيها أن للحياة طعمين، مُرٌّ وآخر سائغ معسول فتعودنا الحالتين وألفنا التغيير والتبديل. تعلمنا فيها أن بعض العقول تحتاج الى اعادة تدوير لأنها تمتلك شفرة معينة يصعب فكّها...
لا تقتنع بمنطق...ولا تستوعب بكلام..ولا ينفع معها علم ولا حلم ولا قوة ولا حزم! ما أقسى أن تُبتلى عزيزي القارئ بأحد هذه العقول، عقول سيئة المنطق ولا أشقى ولا أتعس حياة ممن يضطر للتعامل معها، نتأمّل وجوه ونتصفّح أخرى لعلنا نجد ما يريح حيرتنا، وجدنا في مدرسة الحياة اناساً يعشقون الخلاف والعناد، واخرون تتفننون في الاحاطة بك لا لشيء سوى أنك خارج دائرة مزاجهم.
تعلمنا في مدرسة الحياة أن الأيام دول بين الناس، شرّاً فعلتَ أو خيراً، سترُدّه الحياةُ لك يوماً ما... هناك اشخاص كثيرون توقعنا أننا لا نستطيع ان تعيش من غيرهم، لكنهم اختفوا وتلاشوا واشخاص كثيرون لم نكن نحسب لهم حساباً لكنهم أصبحوا في الصفوف الأمامية وآخرون خانوا وغدروا وأنكروا المعروف لم نكن نتوقع منهم ذلك.
الحياة أكبر مدرسة ومن لم يتعلم، ستعلمه الحياة أعظم الدروس. كثيراً ما تكون حياتنا صعبة ونعجز عن مواجهة ظروفنا التي تكون أقوى من أن نتحملها وهو أمر يحدث مع الجميع فهو واقعنا الذي لا مفر منه تعطينا الحياة دروساً وعبر كثيرة تزداد مع التقدم بالعمر. أحياناً، تكون الصفعات مُؤلمة لكن لها دور توجيهي لأصحاب العقول وبقدر الصفعات نتعلم ونزداد خبرة وصلابة. الحياة مدرسة كما نسمع دائماً نتعلم بها باستمرار ونكتسب خبرات كثيرة على مدى سنوات العمر وبكل مراحله،
قد يعتقد الكثيرون أن التعلم مُقتصر على المدارس والجامعات فحسب لكن الحقيقة أن هناك دروساً لا يمكن أن نتعلمها إلا من الحياة والأيام والزمن كفيل بذلك، ودروس الحياة لا تنتهي وقد تكون أليمة لكنها دوماً هي الأفضل والأنجع لأنها تمثل جرعات حيوية تساعدك على النهوض من كبوتك وغفلتك والوقوف على قدميك،
الحياة مدرسة" عبارة تتردد على أسماعنا بين الحين والآخر، غير أننا لا نسمعها غالباً إلا ممن صُدم بأمر معين أو مُني بخسارةٍ مؤلمة وتعلّم درساً كبيراً، أو ممن خبروا الحياة بحلوها ومرّها واستخلصوا عصارة ذلك ألماً وحسرة، وذاقوا مرارة النكران والجحود والهجران من القريب قبل البعيد، وأرادوا أن يسدوا نصيحة لأبنائهم أو أحفادهم فيقولون لهم: الحياة مدرسة!
يظهر أن هذه العبارة لم تأتِ فكرتها من العدم، وانما هي تتردد على لسان الكثيرين ممّن يعتقد أنهم خبروا الحياة بمواقفها وتجاربها وتلقوا كل ألوانها رضاً وقبولا إلى حين أعلنوا بأنهم «تخرّجوا في مدرسة الحياة". باعتبار الحياة كانت لهم مؤسسة تربوية، ونموذجا لمركز علاجي وإصلاحي يحاولون من خلاله تصحيح مساراتهم في دروب الحياة، ومن فاته أن يتعلم درساً في المدرسة أو الجامعة فان مدرسة الحياة مفتوحة للتعلّم.