الملك ينفخ في رماد الأحزاب
فايز الفايز
13-01-2019 12:30 AM
هناك مثل يقول: "تستطيع أن تجرّ الحصان إلى النهر ولكنك لا تستطيع أن تجبره على الشرب"، هذا التوصيف ترجمه جلالة الملك في لقائنا الأخير قبل أسابيع عندما قال: "الكرة في ملعب القوى السياسية والحزبية، حيث أسسنا الطريق للديمقراطية ولكن لا يمكنني أن أمسك بيد كل مواطن واجعله يصبح حزبيا"، الملك أعاد وصف رؤيته لمستقبل الحياة الحزبية مجددا خلال اللقاء، وأعاده أمام السادة النواب في لقاء كتلة مبادرة.
الحياة الحزبية في الأردن تشبه حياة العزوبية، آمال عريضة وأحلام طائشة، ثم بعد عنفوان المراهقة تتبدد كل الخطط وتضيع الطريق بالأهداف، وهذا مردّه الى تاريخ الحياة الحزبية في العالم العربي والأردن منها، فدول عربية كانت تشتهر بالحزب الواحد المطلق وعاداه هو العدو، وفي الأردن أيضا كانت حقبة منتصف القرن العشرين تعج بالأحزاب الممتدة في أغلبها من الخارج، ماركسية وقومية وعقائدية وعلمانية تابعة، ورغم صراعاتها مع بعضها ومع الدولة الأردنية، فقد شكلت مرحلة نهوض سياسي تبعا لعقلية قادتها، قبل أن تتقالب مع أو ضد الدولة، وهذا ما منع وجودها العلني حتى بداية التسعينات.
في الأسبوع الماضي تشرفت بلقاء خاص مع سمو ولي العهد الأمير الحسين، وكان جزء من الحديث حول الشباب ودوره في صنع مستقبل الوطن، رغم كل التحديات وضبابية المشهد، فإن الأمير الحسين يمثل إنموذج مسار الشباب في قوادم السنين، وهو يتحدث عن الشباب الأردني بكل إيمان بقدرتهم على القفز عن حواجز المرحلة التي أشبعناها جلدا، ويقدم من خلال المؤسسة تصورات لتفعيل دور الشباب في النهضة الوطنية ومشروع الدولة، ووقف هدر طاقاتهم نحو العمل الجماعي ، فهو يرى أن كل شاب له الحق في الإنتاج والمشاركة في رسم الخطط التي تستهدف حياته المستقبلية، وهنا على الجميع أن يقتنص الفرصة لخلق المبادرة وطرح أفكارهم من خلال فريق منظمّ يحمي مستقبلنا جميعا، خصوصا العمل السياسي.
الملك عندما ينفخ في رماد الأحزاب ،فهو يعول على الشباب لتحقيق التغيير سياسيا، وهو يرغب في أحزاب حقيقية لا تتجاوز الأربعة أيضا، تمثل مختلف أطياف المجتمع السياسي من اليمين الى اليسار، وتحقق شروط الإستحقاق السياسي لخوض الانتخابات ضمن برامج تقنع الجمهور، وهذا لا يمكن أن يتحقق إذا بقيت العقليات والشخصيات العتيقة والمتوالدة تستأثر بثدي التمويل الحكومي، فهي ليست أحزابا بل مكاتب في أغلبها، ليس فيها سوى الأمين العام وبعضا من أصحابه، تعيش على أمجاد الرعيل الأول والأيديولوجيا المندثرة، وينسى البعض أن هذا الوطن لا يحمل همه إلا أبناؤه الذين تسري دماء الوطنيين المكافحين في عروقهم لا الأحزاب المستوردة.
لقد مثلت التربية الحزبية الوطنية مدرسة خرّجت كفاءات شبابية عالية الإلتزام وثاقبة الرؤية، ولكن أعاقها عن تطبيق برامجها عباءة العقلية المتمترسة في كراسي القيادات، ولهذا رأينا كيف خرج الكثيرون من أحزابهم، وإذا أردنا العمل الحزبي من جديد يجب أن يكون التيار من صلب ثقافة وتاريخ وتطلعات هذا الوطن وأهله ولمصلحتهم لا ضباطا سياسيين لأدوات الخارج.
ROYAL430@HOTMAIL.COM
الرأي