"أعباءٌ تجلب أعباء, وغباءٌ في ظل غباء"
حان الوقت ليدرك الشعب كله اننا نعيش ببلدان تحكمها سياسات بالية وقديمة، ووجوه ملها الناس، وأصبحت مصدر شؤم كلما أطلت علينا بأية وسيلة إعلامية. حكومات تعيش على سياسات نمطية استنزفت العقل البشري بتكرار الوجوه والسياسات والنهج، ولم تعد صالحة للاستمرار والاستقرار والاعمار ولا للاستهلاك البشري ولا للمكانة التاريخية، حتى انها لم تعد صالحة للحياة ولا للعيش، مما أضاف أعباء على الشعب تفوق قدرته على التحمل والإمكانات.
واسست هذه الحكومات لنمط التغريب والتعذيب ليكون منهجا وسبيلا تتعامل به مع الأجيال الحاضرة والقادمة، مما يضع العصاة في الدولاب، والعربة امام الحصان في مسيرة الشعب والوطن، فكيف لنا أن نتطور ونواكب العصر، ونحن نخضع لسياسات نمطية عاب عليها الدهر وزمانه واستحى منها، واصبحت مهترئة بالية ورثة لا تتفق مع العصر والتطور والتغير.
وقد أدركنا ولو متأخرين اننا قد تخلفنا عن مسيرة التطور في العالم المتحضر، وان الظلم والفساد والاستبداد والفشل هي نتاج تلك العقول المنغلقة المشرنفة التي مصيرها عند الأمم الأخرى لا تتعدى النفايات وحاويات القمامة، ونحن هنا بأوطاننا نوفر لهم (للأسف الشديد) كل اساليب الراحة والامان والدلال والتسحيج والحراسة وأحيانا الدعم الشعبي لعل الديك يبيض بيضه ذهبيه بعد ان عجزت الدجاجة عن البيض، وهو لن يبيض ابدا الا السوء والبلاء.
حققت هذه الوجوه المكروهة المنغلقة المشؤمة والسياسات النمطية التقليدية التي اتبعوها، أقول حققت التخلف والجهل والأعباء ومحدودية التفكير. فمثلا الناظر بداية إلى المنظومة التعليمة، يجدها نتاج انشاء عقليات قديمة بالية لا تضيف لأطفالنا سوى البطولات الزائفة والشخصيات الوهمية وتجميل الواقع القبيح، فنتوارث هذا الفكر الوهمي البالي، والفرضيات التي تحتمل الخطأ أكثر من الصواب والتلوث أكثر من النقاء، لكن تخويفنا من المجهول يجعلنا نتمسك بما ألفناه منهم ووجدناه من المنهج البالي الطارئ، لأنهم يخوفوننا من الاصطدام مع الحقائق والمجهول والمعلوم.
هذا الخوف يسري كالنار في الهشيم. ويفت في عضد الناس من ان يلقوا بالأحمال والاثقال عن ظهورهم
ومن اسباب تراجعنا عن ركب التقدم والحرية والعدالة والديموقراطية وتكافؤ الفرص أن المسؤولين في بلادنا يحملون قلوب الذئاب وعقول العذاب وايادي الخراب والانانية التي لا تؤمن بالأخر ولو اب وتاب، وقد أثروا الوجاهة والمشيخة الوهمية لانتهاب حقوق الشعب وزراعة الرعب، فأصبح المال والسلطة بقبضة عدد قليل من الفلول، الذين صنعوا لأنفسهم حماية ليس بحسن الاخلاق، وانما من خلال حصانة القوانين لهم، حيث سنون القوانين لحماية فسادهم واستبدادهم ورفاهيتهم على حساب شقاء الفقراء واليتامى والمعذبين في الأرض.
والناظر إلى مؤسساتنا الوطنية التي بناها رجالات الوطن بعرقهم وجهدهم، يجد كيف حولها منهج الرويبضة الى اضحوكة في العالم، وان الناظر لما يسمى طرح الحوار الوهمي وما يناقشه من موضوعات لا يجد الا النفاق على حساب الوطن والمواطن وجلده بسياط الظلم والقهر باسم الحوار ومخرجات الحوار، وباسم الامن والأمان. اما هذا الحوار ما هو إلا استنزاف واهدار للمال العام والكرامة الوطنية والوقت.
وللأسف، فقد أصبحنا العوبة في ايادي زمر حمقاء يدعون أنهم يملكون الحكمة المطلقة وأننا نملك التخلف المطلق، ولا يقبلون الاخر، وهم يفرضون علينا كل ما يخالف الاخلاق والمعرفة والذكاء والوطنية والابتكار، في محاولة لإفساد رؤية الأجيال للأشياء.
انهم يخافون المثقفين الذين ينشرون التفكير التنويري المتحرر من الجهل والعبودية والفساد والاستبداد والتبعية، ويدعون إلى العلم والمعرفة. ولا شك ان كل شيء سيبقى فوضويا أن بقينا نمشي على نفس الاتجاه، فنحن نسير نحو الى المجهول، ونسأل الله السلامة للوطن وأهله.
ان ما يقدموه ليس الا نفايات فكرية مكانها القمامة حتى ولو غلفها بزينة وبريق يذهب مع اول قطرة ندى من الحرية.