الصناعيون بين سياسات الحكومة وعملية التهويل
المهندس موسى عوني الساكت
11-01-2019 04:40 PM
إن القطاع الاقتصادي والصناعي اليوم يخوض معركة من جبهتين: الأولى السياسات الرسمية التي تدفع هذا القطاع الى مزيد من المعاناة، أما الجبهة الأخرى التي يضطر الصناعيون إلى الاشتباك معها في الوقت نفسه، فهي عمليات التهويل.
ليس سرا معاناتنا كصناعيين، وخاصة فيما يتعلق بكلف الانتاج. وشاهد على ذلك يمكن الاشارة الى ربط الحكومة عام 2017 معدل أسعار الوقود بالكهرباء، وهو ما زاد العبء على الصناعة الأردنية بنحو 34 في المئة، في الوقت الذي كانت فيه أسعار الكهرباء أصلا تزداد ابتداء من عام 2014 وحتى 2017 بمعدل 15 في المئة.
اذا ما اردنا منع نزيف ما يحدث فعلى الحكومة اخد إجراءات فورية وسريعة وعلى رأسها منع استيراد أية مادة لها نظير مصنّع محليا، إضافة الى تخفيف أعباء الطاقة، وفك ربط معدل أسعار الوقود مع الكهرباء فورا، إضافة الى تقليل الكلف الأخرى.
بموازاة ذلك، على الحكومة أن تدرك أن دولة الانتاج لا بد وأن يتم تخفيض ضريبة المبيعات على السلع التجارية، لتشجيع عمليات الشراء.
هذا من حيث الجبهة الأولى أما الجبهة الثانية التي يضطر الصناعيون الاشتباك معها والتي لا تقل ضراوة عن الأولى فهي عمليات التهويل من سوء الاحوال في السوق الاردني.
كلنا يعلم أوضاع السوق، وإذا أردنا النظر إليه بعين نصف الكأس الفارغة، فسنشهد إغلاقات بعض المصانع وهروب مستثمرين، لكننا إذا إردنا النظر بعين نصف الكأس الممتلئة، فسنرى أن عام 2018 شهد زيادة في صادرات القطاع الصناعي 9.5 في المئة، كما زاد الاستثمار في هذا القطاع. صحيح أن هذه الاستثمارات ليس كما هو المأمول له، لكن لمصلحة من يجري التهويل بأوضاع السوق.
نعم رأينا إغلاق لبعض المؤسسات وتسريح عمال، لكن في المقابل شهدنا في هذا العام تأسيس عدة مصانع والاعلان عن استثمارات جديدة.
علينا جميعا إدراك أننا في مركب واحد، فما ينتج عن إغلاق أو هروب للاستثمار؛ لا بد وأن ينعكس علينا جميعا، ومن المهم هنا مصلحةً للاقتصاد الوطنني عدم تهويل لما يجري في الأسواق، والتريث قبل اطلاق الأوصاف التي تزيد السوق معاناة.
مجددا إن ما يحصل في السوق هو نتائج تراكم أخطاء من حكومات سابقة، بعد عجز هذه الحكومة من انتاج خارطة اقتصادية واضحة لإدارة القطاعات الإقتصادية المختلفة، كما لم يكن هناك سياسات تضع الأولوية لابراز بيئة استثمارية مريحة.
نقول هناك أخطاء متراكمة، وسبق وحذرنا الحكومة من أننا سنشهد إغلاقات ما لم يكن هناك تقليل الاعباء والكلف على الاستثمارات، وخصوصا في القطاع الصناعي، لكن رد فعل الحكومات السابقة كان بطيئا جدا، بل وزيادة في التكاليف والمصاريف والاعباء كضريبة الدخل والمبيعات وزيادة في رسوم أخرى.
وما يدعو الى العجب أن رأي الحكومات السابقة كان في فرض الجباية لزيادة الايرادات، وهو مفهوم يدرك جميع الاقتصاديين خطأه، فما نريده من اجل زيادة الايراد هو في تشجيع وتحفير للقطاعات الانتاجية، وتخفيض الضرائب على السلع وليس العكس.
السوق الاردني اليوم يشهد معاناة كبيرة ترجمة نفسها استجابة لسياسات متراكمة خاطئة؛ لهذا نحن نأمل ان تعمل هذه الحكومة على البدء بمعالجتها، خاصة وان رئيس الوزراء قد وأعلن عن أن عام 2019 سيكون عنوانا لدولة الانتاج.