facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




تشخيص حالة "مشروع قانون العفو العام"


سيف زياد الجنيدي
10-01-2019 08:59 PM

يسود المجتمع الأردنيّ هذه الأيام ظاهرة غريبة ربّما تسجّل لأول مرّةٍ في تاريخ الدولة، وهي حالة ارتباك أدّت إلى فوضى قانونيّة تجاه مشروع قانون العفو العام. ما يُثير الانتباه في الأمر، هو عدم اقتصار هذه الحالة على المُواطنين المُستفيدين بشكلٍ مباشرٍ من قانون العفو العام وأسرهم، بل امتد الأمر إلى بعض صنّاع القرار والشّركاء به.

لا ننكر بأنّ العفو العام في الأردن اليوم قد ارتقى إلى مرتبة التّعويض عن الاختلالات البنيويّة على الأصعدة كافةً التشريعيّة منها والسياسيّة والاقتصاديّة بل وعلى صعيد تحقيق العدالة الاجتماعيّة، لكن ينبغي أن تتم بموجبه المواءمة الحقّة بين أطراف العلاقة الثلاث: الجناة أو المشتكى عليهم، والمجني عليهم، والحق العام.

من المبادئ الأساسيّة لقوانين العفو العام في دول العالم كافةً اقتصار أثرها على الشّق الجزائيّ دون المدنيّ؛ أي أنّ أثر قانون العفو العام ينصب على الصّفة الجرميّة للفعل المرتكب؛ فيزيل حالة الإجرام برمّتها وجميع الآثار المُترتبة عليها سواءً من حيث العقوبة وعدم الاعتداد بالفعل كسابقة جرميّة، فيصبح الفعل المشمول بالعفو العام مباحاً قانوناً أي كمثل من يقرأ روايةً أو يتناول الماء فور استيقاظه من النّوم.

بناءً على ما سبق، يستحيل قانوناً القول بإمكانية شمول الغارمات وقروض الطلبة والقروض الزراعيّة بأحكام قانون العفو العام لأنّ هذه الآمال تُجافي الحقيقة الثابتة لفلسفة قانون العفو العام، ويأتي هذا انطلاقاً من اعتبارها مطالبات مدنيّة ترتبط بالحقوق والذّمة الماليّة للأفراد ولا يمكن التّنازل عنها إلاّ بوسائل قانونيّة محدّدة كالإبراء أو الوفاء أو التّقادم أو استحالة التّنفيذ.

تأتي أهمية المُطالبة بشمول الغارمات بقانون العفو العام على وجه الخصوص بتلسيط الضوء على الاختلالات الاجتماعيّة والقانونيّة في قانون التنّفيذ الأردنيّ رقم (25) لسنة 2007، الذي أجازت المادة (22) منه حبس المدين لقاء التزامٍ مدنيّ، وبالتّالي برزت ضرورة الإسراع في تبني مشروع قانون يلغي هذه المادة بهدف حماية المواطنين من مغبّة الحبس وغياهب السّجون، ووفاءً بالالتزامات القانونيّة على الصّعيد الدوليّ، وليس خلافاً لهذا بابتداعٍ حلولٍ تنطوي على خرقٍ للدستور؛ كالمُطالبة بإضافة نصٍ في قانون العفو العام يقضي بوقف تنفيذ قرارات حبس المدينين بدينٍ مدنيّ.

على غير صعيد أثبت مشروع قانون العفو العام بصورةٍ قاطعةٍ خرق قانون منع الجرائم رقم (7) لسنة 1954م للقواعد الدستوريّة وتجاوزه على مبدأ الفصل بين السّلطات؛ إذ أنّ القرارات الإداريّة الصّادرة من قبل الحكّام الإداريّين لا تكون مشمولة بقانون العفو العام حتى وإن كانت بمناسبة ارتكاب فعلٍ جرميّ أو الاشتباه بارتكابه وإن كان الفعل المرتكب أو المشكو منه مشمولاً بأحكام قانون العفو العام.

استناداً إلى منطق العدالة أرى مشروعية إضافة نص في قانون العفو العام يقضي بإزالة آثار جميع القرارات الإداريّة الصّادرة بموجب قانون منع الجرائم المُستندة إلى إدانة جرميّة أو شكاوى مشمولة بقانون العفو العام.

لا نُنكر بأنّ مشروع قانون العفو العام لسنة 2018 استند إلى ذهنيّة اللاعفو، ويحتاج إلى إعادة نظر في الاستثناءات الواردة به بصورةٍ تكفل المصالحة بين الدولة ومواطنيها من جهةٍ، وبين المواطنين أنفسهم من جهةٍ أخرى ليبلغ القانون غايته بإحلال السّلم المجتمعيّ، وإعادة إدماج الأفراد في المجتمع، والمحافظة على الرّوابط الأسريّة. وفي هذا المقام نعقد الأمل الكبير على مجلس النّواب الموقّر ولجنته القانونيّة في الوصول إلى قانون عفوٍ عامٍ يُحقق الموازنة بين الاعتبارات اللازمة للحفاظ على استقرار المجتمع، وذلك من خلال عقد لقاءات موسّعة ومكثّفة مع الجهات ذات العلاقة كافةً.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :