أحياناً تقف في ذهول من كل ما يدور حولك من أحداث، مواقف، أشخاص... لا تعرف ماذا يحدث؟ ما كان ذنبك؟
لم تعد قادراً على استيعاب ما حدث وما قد يحدث من هول الصدمة.

برد قارص تسلل إلى أعماق قلبك فتجمدت... شعور غريب بقسوة عارمة تملّكت روحك لا يعلم به إلا الله، حزن عميق ملأ وجدانك ولست بقادرٍ على وصفه... فقدت رغبتك بكل شيء، لم تعد تشعر بطعم الحياة... لونٌ رماديٌ كئيب إستأثَرَ على لوحة حياتك.

كل يوم تسأل نفسك متعجباً ذات السؤال.. ما كان ذنبي لأتلقى كل هذا الكم من قسوة الحياة؟! لماذا كان لي نصيب الأسد منها؟! هل كان ذنبي عظيماً بكل هذا الحد؟! هل فعلاً اقترفت ذنباً ليتم معاقبتي هكذا؟!

أحياناً يا صديقي قد يختلف مفهوم الذنب في عالمنا الذي نعيشه فمثلاً: قد يكون ذنبك أنك كنت صادقاً أكثر مما ينبغي، تُعطي بسخاء وتحب بكامل جوارحك حباً بريئاً بإحساسٍ صادقٍ نقيٍ كالماء الزُلال لا غايةً مرجوةً من ورائه... ولا أقصد هنا بالحب أنه حب الرجل لإمرأة أو عكسه، قد يكون أيضاً حبك لعائلتك، أقاربك، جيرانك، أصدقاءك، حبك لكل من حولك... إلى أن تقابل في حياتك أناسٌ بعاطفةٍ مريضةٍ ونفوس خبيثة، لا يهمهم سوى مصالحهم الشخصية التي عندما تنتهي يلفظونك، فيديرون لك ظهورهم، ويتعمدون إقصاءك إذا ما استنزفوا طاقتك... ليبدأوا بتفسير أفعالك والتشكيك في نواياك الطيبة بما يحلو لهم.. لتسأل نفسك لماذا وبأي حق يفعلون ذلك؟ وكيف لهم أن ظنوا سوءًا بنا فرمونا بتهمةٍ لذنبٍ لم نقترفه ظلماً وبهتاناً؟!
قال تعالى: "وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا" صدق الله العظيم.

ولكن أقول لك يا صديقي أن دعك من كل هذه التساؤلات، لا ترهق نفسك بالتفكير فكلٌ يرى الناس بِعَيْنِ طبعه... لا تحزن ولا تضعف فتحرق نفسك وتهدم مستقبلك وتستهلك طاقتك.
قال تعالى:"وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ"صدق الله العظيم.
كن مع الله ولا تبالي بأقوالهم وظنونهم، فَلَكَ ربٌ أحنُ عليك من أمك وأبيك.. قِفْ على ناصية القلب وجاهد ليبقى أبيضاً نقياً... لا تؤلم أحداً، فكل القلوب مليئة بما يكفيها.

ولا تكن كمن أصبح اسمٌ هان على الجميع، فلقد هان على الناس من استكبر على الناس وكسر كل جميلٍ فيهم... فهذه الفئة من البشر يتمتعون بفكر إقصائي، الذي تتحكم فيه الأنانية المبالغ فيها أو الغير مبررة... و ما الأنانية إلا حب الدنيا ونسيان الآخرة والانكباب على هذه الدار الفانية.

كنصيحةِ مخلدة دع مخافة الله نُصْبَ عينيك وحبه دائماً في قلبك..فإن أردت أن يحبك الله فاتخذ من الإحسان وسيلة تنل تلك الغاية، قال تعالى:"وأَحْسِنوا إِنَّ اللَّهَ يُحبُّ الْمُحْسِنينَ" صدق الله العظيم.
إن الحياة أقصر من أن تنفق في تنمية البغضاء وتسجيل الأخطاء... ستتعلم الكثير من دروس الحياة إذا لاحظت أن رجال الإطفاء لا يكافحون النار بالنار.
عِشْ لنفسك ولغيرك، أسعد من حولك... عِشْ لفكرةٍ، لحلمٍ تريده، فإن الحياة تصبح طويلة عميقة جميلة، تبدأ من حيث بدأت الإنسانية وتمتد بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض.