فى قريتي الصغيرة والفقيرة كنت أظن أنى تعلمت كل شىء..!! والحقيقة أنى لم أتعلم أي شيء..!!
ذات يوم أو ذات مساء «حرنت» البقرة التى كنا نملكها وجف لبنها وحرمتنا من نعمة الله التى كنا نعيش عليها، صاحت أمى- رحمة الله عليها- فى غضب.
- ماذا فعلتم بالبقرة..؟
ارتجفنا.. عجزنا عن النطق.. قالت
من جديد:
- لقد أخفتم البقرة فجف لبنها يا كلاب..!!
وكانت هذه حقيقة؛ فقد ركبنا البقرة نحن- الصغار- على الطريق، وكأننا فى سباق.. خافت المسكينة فجف لبنها.. عندئذ علمت أن الخوف يجفف اللبن فى الضروع، ويمنع البذور من أن تنبت، والطيور من أن تغرد.. تعلمت أن الخوف مانع للخير، مانع للحب، مانع للأمان ما نع للمحبة والألفة والوئام.. الخوف قاتل للبهجة وعدو الفرحة.. فيا صناع الخوف فى كل زمان ومكان، ماذا تريدون منا..؟
فى ظل الخوف لن تنمو شجرة، ولن تنضج ثمرة أو سنبلة.. لن يضحك طفل ولن يغرد طائر وحتى النائم لن يحلم.. يا صناع الخوف دعونا نغرس بذرة، نوقد شمعة، نفتح نافذة يشع منها ضوء، ويتسلل منها هواء.. نكتب قصيدة ننشدها، ولحناً يسعد الآخرين ويطربهم.. دعونا نرسم ضحكة وابتسامة.. دعونا نتنفس شهيقًا وزفيرًا.. يا صناع الخوف فى كل زمان ومكان، هل تعلمون أن فرضكم الخوف علينا نابع من خوف بداخلكم، والخائف المرتجف لا يتخلص من خوفه بفرض الخوف على الآخرين، لأن صناعة الخوف توقف التطور والنماء، وتعطل حركة الحياة.. صناعة الخوف تحول الأرض الخضراء إلى صحراء وأكثر من ذلك، أنها توقف نشاط العقل، وتجهض الأفكار.. صناعة الخوف لا تأتى أبداً بمستقبل قريب أو حتى بعيد.. فيا صناع الخوف، ابتعدوا عنا يرحمكم الله، ودعونا نعِشْ الحياة التى كتبها لنا الله.
*عن المصري اليوم.