مع شديد الاحترام لقوات الدرك ، فان الافراط في استخدام القوة ، بات ميزة اساسية ، من ميزات الدرك.
اي قضية يمكن حلها بالحوار ، لا بالضرب ، واستباق الموقف بالاستعداد للضرب ، وكل المبررات التي تقال من ان موظفي الموانئ اعتدوا بألفاظ نابية على رجال الدرك ، لا تصمد امام معرفتنا ان هناك غضبا يعتمل في صدور عمال الموانئ ، وهو غضب لا يمكن التعامل معه بغضب اضافي ، ولو وجد عمال الموانئ من يستمع اليهم ، ويمنحهم حقوقهم ، بعدالة لما اضطر هؤلاء الى الاعتصام ، والتلويح باستمرار الاعتصام ، حتى لا يبدو المواطن دائما بصورة المخطئ ، قليل العقل.
كان يمكن لمؤسسة الموانئ منذ البداية ان تجد حلا عادلا ، بدلا من دفع مائة دينار لموظفي الموانئ ، ودفع عشرات الاف الدنانير لغيرهم من سكان المنطقة الخاصة ، برغم انهم مستفيدون طوال سنوات من السكن الوظيفي ، فيتم تعويضهم بمبالغ مجزية ، فوق استفادتهم ، فيما العمال الذين ينتظرون على الدور يتم منحهم زيادات ومبالغ شهرية لا تذكر امام الغلاء في العقبة او مدن المملكة المختلفة ، ونشهد يوما بعد يوم ، ظاهرة عدم احترام المسؤول للمواطن ، فيضطر المواطن ان يفعل اي شيء ، من اجل حقوقه ومظالمه ، وقد رأينا كيف باتت البوابات مغلقة في وجه الناس ، فلا النائب ولا الوزير ولا اي جهة تستمع الى شكاوى الناس ، باعتبارنا شعبا متذمرا كثير التطلب والشكاوى.
توقيع عمال الموانئ المحتجزين على كفالات بخمسة الاف دينار ، من اجل الافراج عنهم ، امر مؤسف جدا ، فعامل الميناء جاء ليطالب بحقوقه التي يعتبرها عادلة ، فاذا به يوقع كفالات عدلية ، وتصبح اي حركة له قيمتها خمسة الاف دينار ، وهي معالجة غير حكيمة للمشهد ، لان المتضرر في اولاده لا يمكن ايقاع الضرر به ، فوق الذي فيه ، ولا يمكن مقايضته على وظيفته وحياته ولقمته ، من اجل ان يتنازل عن قصة السكن ، وعن هموم حياته ، ولا شك هنا ، ان حياة عاهد العلاونة ووضعه الصحي الحرج ، تثير الاسى ، لان الانسان اهم شيء في هذه الحياة ، ولا تعادل كل القصة ، دمعة من اولاده عليه ، لكنها المأساة حين لا يشعر مسؤولو الصف الثاني والثالث ، بحياة الناس ، ولا يكون همهم سوى الانتصار على عمال الموانئ.
ملف عمال الموانئ ، يجب ان يفتح مراجعات تجاه كل الادوار ، بما في ذلك دور جهاز الدرك ، الذي يأتي متوترا ومستعدا للضرب ، حتى قبل ان يفتح المواطن فمه بكلمة ، وهكذا علاقات تقوم على التخويف ، لا تؤدي ابدا الى تكريس اي هيبة ، انما تسبب ضغائن في كل الاماكن والاتجاهات ، وهي ضغائن ليست من مصلحتنا ان تتناسل في الصدور.
كان يمكن لقوات الدرك ان تتصرف بهدوء وصبر كبيرين ، بدلا من الافراط في استخدام القوة ، فالمضروب هنا ، هو كل واحد من الستة ملايين مواطن،،.
mtair@addustour.com.jo