ظلت بعض وسائل الاعلام تلح على أحد قادة اعتصام عمال ميناء العقبة لكي يقول أن العامل عاهد العلاونة المصاب إصابة بليغة قد توفي وتحاول اقناعه أن مثل هذا التصريح سيعمل على مزيد من الاهتمام بقضيتهم, ولكنه رفض معلناً ما لديه من معلومات عن حالته الصعبة متمنياً له الشفاء ومؤكداً أن العمال لا يقبلون الأذى لأي زميل لهم مهما كان لذلك من أثر اعلامي.
تلك فعلاً هي أخلاق هذه الفئة المظلومة من الأردنيين, إنهم ليسوا محترفي اضرابات واعتصامات, وهم قبل القيام بأي تحرك لا يتركون باباً إلا ويطرقونه, ويلجأون الى شتى الأساليب الودية, فيقدمون الاسترحامات ويرجون ويتمنون وتلهج ألسنتهم بشتى أنواع الشكر لكل من يتفهم قضيتهم.
إن عمال الميناء هؤلاء يخوضون أول تجربة في المطالبة الجادة بحقوقهم, وليس صحيحاً أنهم مثيرو فوضى ومخالفو قوانين, إنهم الحلقة الأضعف بين مجمل الأطراف رغم أنهم الطرف الذي يحمل على أكتافه عبء تشغيل الميناء. لقد أنهوا اعتصاماً أولياً قبل شهر بعدما تلقوا وعداً بمنحهم تعويضاً زهيداً ولكنهم اكتشفوا أنه حتى هذا الوعد كان كاذباً, بينما تم منح كبار الموظفين مبالغ كبيرة, بل تم منح آخرين من مسؤولي المحافظة مبالغ كبيرة, بينما حُرم هؤلاء العمال البسطاء الذين يتلقى بعضهم أجوراً أقل من الحد الأدنى الرسمي للأجور.
المطلوب من كل أجهزة الدولة أن تفكر جيداً بما جرى, فميدان المواجهة هو العقبة التي يقال أنها قصة نجاح تنموية, وهناك اعلان شهير تبثه سلطة العقبة في وسائل الاعلام العالمية يقول: "لننثر الرمال ذهباً", وهناك من يعلن أن باقي المناطق التنموية ستقتدي بنموذج العقبة.
إننا في الواقع أمام نمط من النمو معاد للناس, او على وجه الدقة نمط يحابي قلة من الناس على حساب أغلب الناس.0
ahmad.abukhalil@alarabalyawm.net