الإصلاح منظومة واحدة لا تتجزأ
د.رحيل الغرايبة
09-01-2019 12:49 AM
(يد واحدة لا تصفق)، قول مأثور لا يجادل في صحته عاقل يعبر عن ضرورة التعاون والتنسيق من أجل تحقيق الهدف، ويعبر في المقابل عن عجز العمل الفردي مهما كان متفوقاً ومبدعاً من تحقيق الإصلاح المجتمعي، فإذا كان الإنساني مدني بالطبع، فهذا يعني بداهة أن الإنسان لا يستطيع العيش إلّا ضمن تجمع بشري، وذلك من أجل أن يقوم بعضهم بحاجات بعض، ولكن التجمع البشري يحتاج إلى تنظيم وتنسيق الجهود وتوزيع الأدوار والاختصاصات من أجل تحقيق مقتضيات العيش بحده الأدنى من الإنجاز بعيداً عن شبح الفوضى ولعبة الفناء.
هذه المقدمة نسوقها في ظل القراءة التي تمت لتقرير حالة البلاد الذي صدر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي، والذي حاول رصد معالم الأزمة وجذور المشكلة، حيث يقول الدكتور مصطفى الحمارنة إنه لم يتلق حتى الآن أي ردة فعل أو ملاحظة إيجابية أو سلبية من أي جهة حكومية أو أي صاحب مسؤولية بعد عملية إطلاق التقرير وإشهاره، وهنا لا بد من الوقوف على جملة ملاحظات في هذا الشأن:
الملاحظة الأولى أن إعداد تقرير حالة البلاد وإخراجه يمثل خطوة إيجابية سليمة ولكنها تصبح عديمة الفائدة في ظل منظومة عمل غير سليمة، وفي بيئة غير صحيحة، وفي ظل انعدام المؤسسية في التنفيذ والرقابة والمتابعة، بمعنى أننا بحاجة أولاً إلى إصلاح منظومة العمل المؤسسي وإصلاح الخلل والترهل الإداري، من خلال غياب برامج العمل المصاحبة للخطط التنفيذية، حيث تظهر ملامح الارتجالية وفقدان متابعة الخطط التي مضى عليها ما يزيد على عشر سنوات، ورحيل أصحابها دون الوقوف على ما أنجز أحدهم وما لم ينجز في كل مرحلة وفي كل محطة فاصلة.
نحن بحاجة إلى حكومة تحمل برنامجاً واضحاً معلناً ورؤية محددة معروفة، لكل وزارة ولكل مؤسسة، وليست مرتبطة بشخصية الوزير القادم أو المغادر، وإنما ترتبط باستراتيجية موضوعة ومدروسة لا تتأثر بتغيير الأشخاص وتبدل مواقعهم، وبحاجة إلى جهاز رقابة فاعل ودقيق لا يعرف المساومة ولا أنصاف الحلول، ونحن بحاجة إلى برلمان حقيقي قادر على القيام بدور الرقابة المتخصصة، وبحاجة إلى حياة سياسية حزبية حقيقية تملك المعلومة والرقم وتشارك في إعداد الخطط والبرامج وتشارك في مراقبة تنفيذها، وبغير ذلك فنحن لم ولن نلحق بالمجتمعات الحديثة، ومتخلفون حتماً عن ركب الحياة المتجدد الذي يحث الخطى نحو المستقبل بسرعة فائقة.
نحن بحاجة إلى إرساء معالم دولة القانون، وإعلاء شأن القانون واحترامه، والابتعاد الحاسم عن منطق المحاباة والظلم وعدم تكافؤ الفرص، لأن الفوضى لا تستقيم مع الطموحات والتطلعات السامية لمجتمعنا نحو مربعات التقدم والازدهار والتحضر المطلوب.
الدستور