لم يكن هناك اي داع لهذه الخشونة في العقبة ، تجاه عمال الموانئ ، التي ادت الى اعتقال العشرات ، واصابة بعضهم ، باصابات خطيرة ، فقضية الف ومائتي موظف لا تعالج بهذه الطريقة ابدا.
لا نصب الزيت على النار ، لكن الخشونة ، باتت واضحة خلال الفترة الاخيرة ، في قضايا عدة ، وقد شهدنا امام النقابات في قضية التطبيع ، نفس الخشونة ، وشهدناها في ظروف اخرى ، لا يمكن فهمها او تفهمها ، ونحن نتحدث عن حق الانسان في التعبير عن رأيه او مظلمته ، فاذا كان المواطن يلجأ اساسا الى وسائل سلمية ، لا تخرب ولا تسيء الى البلد ، فلماذا يتم الرد عليه بخشونة بالغة ، تترك اثرا سلبيا بالغا ، على صاحب القضية مباشرة وعلى مشاعر المواطنين ، عموما ، في كل مكان.
الذي يظن ان التعامل مع الناس بخشونة ، سيجعل بعضهم يخاف من طرح قضيته او يتراجع ، لا يفهم ان الناس باتت تفهم حقوقها جيدا ، وتعرف ما لها وما عليها.
القضية التي خرج بها عمال الموانئ حياتية ومعيشية ، لا تستحق ان نتعامل معها بروحية الضرب والصد بعنف ، اذ لم يخرج عمال الموانئ ليطالبوا بتأسيس حزب سياسي ، او ضد تدفق السفن الى العقبة ، او للمطالبة بأي قضية حساسة.. كل ما يريدونه هو انصافهم معيشيا وحياتيا ، وهو امر طبيعي جدا ، يتم التعامل معه بالحوار ، والاستماع لهم ، والذهاب بحثا عن حلول ، حتى لو ادى ذلك الى استدانة مؤسسة الموانئ ، لمبالغ مالية لانصاف موظفيها ، فالانسان اهم من المال.
اذا كانت قضية معيشية يتم التعامل معها بهذه القسوة ، المثيرة للاسئلة ، فما بالنا امام القضايا الاخرى ، وامس الاول ، قدم مواطنون من طيبة الكرك للاعتصام امام رئاسة الوزراء ، فتمت مخالفة الحافلات على الطريق ، وحاول البعض ان يمنعهم من الوصول ، وتم التعامل معهم بذات الخشونة ، الى ان حل رئيس الحكومة المشكلة وادخلهم دار الرئاسة ورحب بهم وحل المشكلة ، .
لا نريد افتعال المشاكل في بلد آمن ومطمئن ، نحبه ونخاف عليه ، اخرها ما فعلته امانة عمان من تحويل عشرات الاف القطع الزراعية الى صناعية في مناطق القسطل وغيرها ، ومطالبة قاطني تلك المنطقة بمبالغ مالية كبيرة ، من الف الى عشرة الاف دينار ، مما جعل الناس في قمة الغضب ، ملوحين بنصب بيوت الشعر في تلك المناطق احتجاجا على هذه القرارات غير المدروسة ، التي تمس حياة الناس.
لا نحرض ، ولسنا من مدرسة التحريض المبطن ، لكننا نقول لمن يهمه الامر ، ان شعبنا في ظل مصاعبه الاقتصادية ، لا يجوز التعامل مع كل قضية من قضاياه بهذه الروح من القسوة والخشونة ، فبدون الناس ، وشعورهم ان كرامتهم محفوظة وهي اهم شيء ، تصبح المسافة هائلة بين الشعب والمؤسسة العامة.
العصا.. لا تليق بنا في الالفية الثالثة.
mtair@addustour.com.jo
الدستور