السرطان فـي العقول وليس الأبدان
جهاد المومني
31-07-2009 01:58 PM
يخاف الأردنيون من السرطان، بل يخافون من مجرد ذكر اسمه ويطلقون عليه اسماء مبهمة مثل (هذاك المرض) و(الخبيث) و(المرض اللي ما ينذكر) وغيرها،ويتحاشون حتى التعامل مع مرضى السرطان دون وعي لحقائق علمية دامغة ابسطها أن السرطان مرض غير معد،لكنه الخوف من الموت والجبن أمام الأقدار والرضوخ لمعتقدات بالية لا زالت تسيطر على عقول الناس..، وحين تسأل : حسنا'' ما دمتم تخافون من السرطان إلى هذا الحد، ما الذي تفعلونه إذن لتلافي الإصابة به، هل تتوقفون عن التدخين إذا كان العلم يقول أن التدخين يسبب السرطان، هل تحتجون على عوادم سيارات الديزل التي تتجول في شوارع مدننا تنفث سمومها بلا حسيب ولا رقيب، هل تدققون فيما تأكلونه من معلبات ومجمدات ومملحات مستوردة ثبت أن مستورديها لا يفكرون بغير إضافة الملايين إلى ملايينهم، هل فكرتم في المياه التي تشربونها، وفي الأواني التي تستخدمونها في حفظ الأطعمة، وفي نظافة ما تدخلون إلى أمعدتكم..؟.
شيء آخر يغيب عن الأذهان ويبدو انه يصلح بيئة مناسبة للسرطان كي يتوالد في أحشاء خمسة الآف أردني كل عام، وهذا الشيء هو النكد وحالة الكآبة التي تخيم في بيوتنا وأماكن عملنا فتفتك بقدرتنا على المقاومة ومواجهة الأمراض والتفرغ فقط لهزيمتها حين تداهمنا..، انه العصبية المفرطة عند اتفه الأسباب وكظم الغيظ تلالا في صدور منهكة بطموحات اكبر من الواقع بكثير،وأدمغة مشغولة على الدوام، تنظر عشرات القضايا في لحظات الاستراحة وما من قضية ممكنة الحل، فالسيارة الفارهة ليست مجرد حلم،بل حقيقة صعبة المنال لجميع الناس والشقة الفاخرة كذلك ومن غير المنطق أن نواصل الركض وراء السراب.فلماذا لا نمنح أنفسنا فرصة للاستراحة من عذابات الأحلام المستحيلة وآثارها الخطيرة على عافيتنا، فقط نعمل بما يريح ضمائرنا ونتسلح بالقناعة وبحب الحياة كيفما قسمها الله لنا..!.
لقد أثبتت دراسات عديدة أن الكآبة والنكد الدائم والعصبية أسباب اكثر من مجرد محتملة للسرطان ولتفشي عشرات الأمراض الأخرى، فهي تحول دون الإنسان ومقاومته لهذه الأمراض. وأثبتت الدراسات أن الأجسام تتكيف مع العوامل الخارجية وتكون قادرة على التصدي للسموم التي نستنشقها أو نأكلها إذا كان العقل متفرغا لإدارة معركة بحجم مواجهة السرطان، أما إذا كان مثقلا بالقضايا الشائكة فان أجسامنا تكون ساحة مفتوحة للأورام والجراثيم ولن يكون بوسعنا الصمود أمام المؤثرات السامة والمضرة بالصحة.
فإذا كان الأردنيون يخافون السرطان الى درجة تحاشي ذكر اسمه عليهم أن يبدأوا أولا بالأعداد لبرامج حياة جديدة لا يشوبها النكد ولا تسيطر عليها الانفعالات،ثم ليعملوا الكثير من اجل بيئة صحية نظيفة.