بعد الموازنة الأفكار حول المشاريع الكبرى
جميل النمري
07-01-2019 03:05 AM
حصلت الموازنة على ثقة متواضعة، ولا اذكر ان اقرار الموازنة كان في خطر مع اي من المجالس السابقة، فھامش المناورة والتغییر متواضع للغایة وارقام الایرادات والنفقات یمكن عمل القلیل حیالھا، والمعارضة ھي في الغالب اعلان موقف سیاسي من الحكومة وبرنامجھا، وبھذا المعنى فقاعدة الدعم للحكومة ضاقت اكثر بتصویت اقل من نصف اعضاء المجلس (60 نائبا) لصالح الموازنة.
لا تبدو ھذه موازنة مشروع نھوض وطني حتى لو تضمنت بعض بنود الانفاق على اصلاحات.
الانفاق الجاري یذھب في معظمھ على ادارة مترھلة ضعیفة الأداء والانتاجیة بینما الموازنة الرأسمالیة التي یمكن ان تشكل قاعدة النھوض الجدید محكومة بحدود العجز الذي لا یمكن تجاوزه، واكثر من نصف الانفاق الرأسمالي ھو بالمناسبة مرصود لالتزامات بمشاریع مقررة ومستمرة من العام الفائت. وتجد الحكومة صعوبة في توفیر السیولة لسداد المقاولین وھناك التزامات مؤجلة من العام الماضي لتسدید استملاكات ومطالبات مختلفة وقد لا توفر الخزینة كل المال المقرر للانفاق الرأسمالي فھل انغلقت الفرصة امام نھوض اقتصادي جدید؟!
لا لم تنغلق الفرصة اذا فكرنا بطرق للانفاق من خارج الموازنة وبالشراكة بین القطاع العام والخاص من خلال شراكات وشركات لمشاریع عملاقة تغري الرأسمال الخاص المحلي وغیر المحلي بالمشاركة. لیست مشاریع البنیة التحتیة الممولة من الحكومة للاستخدام العام المجاني بل الممولة من السوق بالمساھمة او الاقتراض كاستثمار ضخم طویل الامد مكفول المردود على غرار المشروع الضخم الوحید الذي نفذ (الدیسي) والذي تأخر كثیرا جدا بسبب المنافسة على الكعكة من فاسدین وثبت ان القطاع الخاص جاھز والرأسمال متوفر لو خلصت النیة من البدایة للعمل لوجھ الله والوطن ولیس اي مصلحة خاصة. والاردن ما یزال فقیرا بمشاریع البنیة التحتیة الكبرى التي تحتاج الملیارات لكنھا ایضا توفر مردودا بمئات الملایین سنویا من الاستخدام مثل الاوتوسترادات والسكك الحدید ومشاریع النقل الكبرى عموما الى جانب مشاریع انبوب النفط من العراق وشبكة توزیع الغاز وتحلیة میاه البحر وقناة البحرین ومشاریع الطاقة المتجددة.
ونحن على یقین ان الادارة الأردنیة لو توفرت على العزیمة والدینامیكیة والنزاھة الضروریة في مختلف مفاصل القرار فإن المال لن یكون مشكلة.
ھل نحلم ونتخیل ونقول أي كلام؟! من اشھر وانا اتحدث بھذا الشأن لكن الحكومة تصمت علیھ مع انھا المحت احیانا الى بعض المشاریع الكبرى ولا نعرف في اي مرحلة ھي بالنسبة للموضوع؟! ما الذي عملت علیھ دراسات وما ھي النتائج وما الذي اوعزت بدراستھ وما الذي لا تعتقد بھ وصرفت النظر عنھ؟! بصراحة لا نرى – على الاقل في الجانب الاقتصادي – مشروع نھوض وطني بدون مشاریع كبرى تقود الحكومة المجتمع والرأسمال نحوھا ولا بأس بشراكة مع القوات المسلحة وباستخدام خدمة العلم لتوفیر الید العاملة وتقلیص البطالة.
مرة اخرى ھل نقول كلاما خیالیا.. لتخرج الحكومة وتقول لنا ذلك.
اذا كان برنامج الحكومة ھو فقط ما جاء في الموازنة فلیس لنا ان ننتظر جدیدا غیر استمرار الركود ومعاناة جمیع القطاعات. بھذه الموازنة ودون مشاریع كبرى ناھیك عن غیاب اي مشروع جريء للاصلاح السیاسي فلا اساس للحدیث عن مشروع نھوض وطني.
الغد