كان أفضل ما حظیت بھ محافظة الكرك في السنوات الأخیرة تأسیس نادي الإبداع على ید المھندس حسام الطراونة.
قلیلة جدا المبادرات الأھلیة في المحافظات التي تبدأ بطموحات كبیرة ولاتنتھي بخیبات أمل تفتر معھا عزیمة العمل التطوعي. نادي الإبداع في الكرك كسر القاعدة، وتحول مع مرور الوقت لصرح أردني ونموذج یحظى بالتقدیر عربیا وعالمیا، ویحصد الجوائز المرموقة.
مؤسسة أھلیة غیر ربحیة، وسط بیئة لا تحوز على تقالید عریقة في العمل التطوعي، وسیاسات رسمیة تنظر بقلیل من التقدیر لدور المتطوعین ولدت تجربة النادي. وكان على رواد النادي أن یقاتلوا على عدة جبھات شعبیة ورسمیة لإقناع المجتمع المحلي بجدوى الفكرة.
شباب وشابات الكرك بطموحھم للتغییر والإبداع حملوا التجربة على أكتافھم مسجلین نجاحا تلو نجاح.
في وقت مبكر جدا التفت الملك عبدالله الثاني لتجربة الكركیین الرائدة، وحرص على متابعتھا شخصیا، وتأمین الدعم اللازم لھا. وفي أول زیارة قام بھا ولي العھد الأمیر الحسین بن عبدالله لمحافظة الكرك تفقد النادي والتقى بأعضائھ ومنتسبیھ.
قدم النادي دعما لما یزید عن 11 ألف شاب وفتاة، وتولى رعایة المواھب في مختلف المجالات خاصة العلمیة منھا. أقام مختبرات للتدریب وصقل المواھب وتنمیة التفكیر الإبداعي، وأسس مكتبة نوعیة ونظم مئات الدورات. وقد نال خریجو ھذه الدورات جوائز عالمیة وعربیة.
معركة النادي التي كسبھا بامتیاز تمثلت في تكریس قیم تراجع حضورھا في بلادنا في العقود الأخیرة؛ قیم المسؤولیة الوطنیة والنزاھة والتعددیة الفكریة والفكر المستنیر والإبداع وعدم التمییز واحترام حقوق ذوي الإعاقة ودمجھم.
لم تبخل مؤسسات وشخصیات أردنیة في دعمھا لنشاطات النادي، وخلال السنة الماضیة أطلق المركز خمسة مشاریع ریادیة بدعم من جھات دولیة ومحلیة، أھمھا مركز لتعلیم اللغات الأجنبیة، ولرفع قدرات الأطفال في مجال مھارات الحیاة الأساسیة ولغة البرمجة والروبوت، إضافة لبرامج تنمیة قدرات الیافعین في مجالات التمثیل وصناعة الأفلام القصیرة والرسوم المتحركة لتعزیز قیم العدالة ومحاربة التطرف وغرس قیم المساءلة والنزاھة.
وتولى النادي أیضا إعادة إحیاء الفلكلور الكركي والأردني وتأصیل قیم الفن الأصیل، إلى جانب برنامج لتعلیم الموسیقى بشكل مستمر.
عادة ما یواجھ خریجو الجامعات مشكلة في الحصول على وظیفة بسبب نقص في المھارات العملیة والقدرات الفردیة، وقد تولى النادي تنظیم دورات لتأھیل الشباب لدخول سوق العمل كان لھا أثر مباشر منح خریجیھا میزة تنافسیة للحصول على الوظائف.
لكن النجاح یرتب مسؤولیات لیس على القائمین على فكرة النادي فقط، بل الداعمین والطامحین بتعمیم واستنساخ تجربتھ لتعم مناطق المملكة.
النادي یحتاج لدعم مادي مستمر للوفاء بمتطلبات العمل والتوسع ببرامج دعم الشباب في الكرك. وفي ھذه الأوقات تحدیدا یعاني من ضائقة مالیة ربما تعطل بعضا من مبادراتھ، والأمل كبیر بالمؤمنین بدورھم ومسؤولیاتھم تجاه الوطن لتوجیھ دعمھم للنادي لیواصل دوره الریادي.
وتجدر الإشارة ھنا إلى أن الداعمین للنادي بمقدورھم دائما أن یتأكدوا من أوجھ إنفاق المخصصات المالیة بما یحقق غایاتھا، وفق أنظمة العمل الملتزمة بأعلى معاییر الحوكمة والرقابة.
الغد