هذه الإشاعات صحيحة أم لا .. ؟!
حسين الرواشدة
06-01-2019 12:15 AM
هل صحيح ان عشرات المحلات التجارية اغلقت ابوابها، وان مستثمرين وتجارا هربوا من البلد : بعضهم اشهر افلاسه، وآخرون حملوا اموالهم معهم وتركوا حساباتهم في البنوك بلا ارصدة؟
عشرات القصص والاسماء انتشرت مؤخرا على وسائل التواصل الاجتماعي تتحدث عن ظاهرة «انكماش» اقتصادي تعاني منها اسواقها، سبقها تصريحات لمسؤولين في البورصة عن خسائر تكبدتها الاسهم بمئات الملايين، تزامنت ايضا مع اخبار عن ارتفاع اعداد الحجوزات البنكية على الشقق السكنية، وعن الاف المطلوبين على قائمة التنفيذ القضائي، في قضايا شيكات مالية.
في غياب المعلومات الصحيحة المستندة الى مصادر موثوقة، اصبحت الشائعات هي الفاعل الاساسي المحرك لمخاوف الجمهور وهواجسه، وكاد البعض يصدق ان حالة الاقتصاد في بلادنا وصلت الى طريق مسدود، وان عام 2019 سيكون «كارثيا» بامتياز.
ولان الانطباعات تتحول في العادة الى حقائق ما لم يتم تصحيحها، فان نتائجها ستكون صادمة، ليس فقط على صعيد حركة الاسواق والاستثمار فقط وانما على صعيد المزاج النفسي العام للجمهور الذي سيتحول بدافع تراكم الاشاعات واشتداد «غبارها « الى مزاج سلبي ومعطل وقاتم ايضا.
نحتاج بالطبع ان نسمع رأي خبراء الاقتصاد، سواء اكانوا مسؤولين رسميين او غير رسميين، فمن حق الناس ان تعرف ماذا يحدث تماما، ذلك ان مثل هذا «العبث» في ملف الاسواق تحديدا، سينعكس سلبا على مجالاتنا السياسية والاجتماعية، وسيتركنا امام سيل الاشاعات لكي تأخذنا بلا شك الى «امكنة» مفخخة بالغضب وفقدان الثقة، وقبل ذلك الى «كساد» اقتصادي عام تفرضه سطوة المخيال الاعلامي والاجتماعي المستندة الى الانطباعات والشائعات، حتى لو كانت الوقائع الحقيقة عكس ذلك تماما.
لا علاقة لي بالمجال الاقتصادي لاخوض فيه، وليس لدي معلومات دقيقة لانفي او اثبت ما يجري تداوله عن قصص الاغلاق والبيع والهروب ..الخ، لكنني معني بالصورة التي تطفو على سطح وسائل الاعلام وتتغلغل مفاعيلها داخل قناعات الجمور المتلقي، هذه الصورة تبدو خطيرة، اذا لم نسارع على الفور لتصحيحها بمعلومات مقنعة،وهذه بالطبع مهمة الحكومة اولا، سواء وزارة الصناعة او التجارة او السوق المالي او غيرها من الجهات المعنية، ثم مهمة وسائل اعلام الدولة التي يجب ان تغادر منصة الفرجة وتمارس دورها الحقيقي في توضيح الحقائق بمهنية بعيدا عن الترويج والتزييف والتغطيات المسلوقة.
بقي لدي ملاحظتان : الاولى تتعلق بالتصريحات النارية المثيرة التي يطلقها بعض الخبراء الاقتصاديين، ومنهم مسؤولون سابقون او اشخاص يرأسون قطاعات مهمة في المجال الاقتصادي، وهي تصب في معظمها باتجاه التحذير من تدهور الاقتصاد، وهذه التصريحات تمر بالعادة نحو الجمهور - وسط غياب اي رد او تعقيب او توضيح رسمي - فيصدقها،ثم تتحول بالتالي الى حقائق ثابتة غير قابلة للنفي او التصحيح .
اما الملاحظة الثانية فهي اننا لا نأخذ على محمل الجد ما ننجزه من دراسات حول الموضوع الاقتصادي من جهة التمحيص والمراجعة، خذ مثلا ما ورد في تقرير «حالة البلاد « الذي صدر عن المؤسسة الاقتصادية الاجتماعية ( وهي مؤسسة رسمية)، وخاصة فيما يتعلق بالملف الاقتصادي، بما تضمنه من تشخيص واقتراحات، ومع ذلك فانه لم يخضع بعد لقراءة جادة على المستوى الرسمي، خذ ايضا ما تم اعداده من استراتيجيات ومن بحوث ومن حوارات، حول المشكلة الاقتصادية التي نعاني منها، ستجد انها لم تحظَ هي الاخرى بما يلزم من الاهتمام الرسمي، اخشى ما اخشاه هنا ان يصبح ما ورد في بعض هذه التقارير وما تم تداوله من مقتطفات في خطابات النواب او تصريحات الخبراء «ذخيرة» جاهزة بيد مروجي الاشاعات والقصص حول اوضاع اسواقنا، فنكون بذلك قد وقعنا في «الفخ» الذي تحوطنا من الوقوع فيه، وخسرنا على كل الجبهات، بسب اننا آثرنا ان نصمت او تأخرنا في الرد على الاشاعات بما يلزم من معلومات.
الدستور