في عمّان .. عينينا هني أسامينا!
لارا مصطفى صالح
05-01-2019 11:23 AM
في عمّان، دون سواها، أنا على استعداد تام لأحسبني مجنونة، بل أراني كذلك فعلا. تسألني بائعة الترمس عند رصيف دائرة قاضي القضاة: شو اسمك يا خالتي؟
- "الأسامي كلام .. شو خص الكلام .. عينينا هني أسامينا"!
حرة أنا، أجيب بما يحلو لي. ينتابني شعور بأمان من نوع غريب، لا علاقة له بأسطورة "الأمن والأمان" الأردنية مطلقا. طوق نجاة بل ملاكي الحارس هي. أو هذا ما أود أن أكون على يقين منه.
- عند إشارات الجاردنز، من بين السيارات، حيث لا يكاد يرى، يلوح طفل في نحو العاشرة، شعره منسق فوق جبهته، يرتدي سترة خفيفة انحسر كماها عن معصمين صغيرين ألفا البرد: "تشتري طاقية"؟! لمَ لم يعهد الله للشمس بحراسة هذا الكائن الصغير؟ ولم يسمح بكل هذا البرد؟!
- صيحة هادرة من إحدى البنايات، أطلقتها سيدة متوعدة المتنبئ الجوي والتلفزيون الأردني بعدم دفع دينار التلفزيون مرة ثانية: "الله لا يوفقك ولا يوفق الي شغلك " وذلك لضلوع الإثنين بمؤامرة جوية استهدفت حبل غسيلها الأبيض دون سواه!
- "أبو جبارة" في شارع المدينة، توليفة إنسانية من نوع فريد، لم تتأثر بمزاج المطر. رجال ونساء وأطفال يخوضون بأحذيتهم مبتهجين في الوحل ليبتاعوا الفطور ساخنا. من بين جموع المبتهجين تدثر عجوز ببطانية ملونة، كان يحمل بيد صحنا فارغا، ويمسك بالأخرى يد طفل في الخامسة من عمره، كان مبتهجا كأنما هو ذاهب لحضور حفل زفاف حفيده.
- ترجل سبعينيّ من سيارته، فتح لها الباب، ولما عدلت وقفتها، تعانقت عيناهما بحميمية تخفي حبا أكثر عمقا مما قد يتمخض عن مخيلات محدودي الفكر والمشاعر. لف ذراعه حول ذراعها بألفة وسارا باتجاه أحد المطاعم في اللويبدة.. يبدو أن علاقتهما لم تتأثر برياح العمر ولم تركن إلى ترهلات الشيخوخة. للويبدة بالمناسبة رائحة تبقى في البال، بيضاء، تشبه عرق ياسمين أسعفته السماء وانتشى بماءها استعدادا لربيع الأمل.
مشهد مكثف لفصل الشتاء، وقد بدت عمّان، مثل ڤينوس في مجدها، تحللت من كل التابوهات، فتحت باب الغواية واغتسلت بالمطر فامتلأت روحها بالنشوة والجمال.
في عمّان دون سواها، للحياة هسيس مختلف مثل هسيس حكايات الحب الخالدة!