حين ولماذا وكيف وهكذا قبّعت مع ابن المواطن سين!
باسم سكجها
04-01-2019 07:38 PM
كنّآ في صحيفة “الرأي”، حين كتب صديقنا الراحل بدر عبد الحقّ، مرّة، مقالة حملت عنوان:”حين قبّعت مع المواطن سين!”، يستعرض فيها بقلمه اللاذع الساخر الأوضاع في البلاد، وفي اليوم التالي كتب صديقنا طويل العمر فخري قعوار مقالة تحت عنوان:”لماذا قبّعت مع المواطن سين!”، وتدخّل الراحل الأستاذ خالد محادين في اليوم الثالث فكتب:”لهذا قبّعت مع المواطن سين!”، ودخلت في اليوم الرابع إلى المعمعة فكتبت:”كيف قبّعت مع المواطن سين!”.
حينها، ومع خروج الأمر عن السيطرة، في فترة كانت البلاد تحت سيادة الأحكام العرفية (نهايات الثمانينيات)، تدخّل رئيس تحرير “الرأي” التاريخي، أستاذنا محمود الكايد وقال :”زدتوها شباب، بيكفي لحد هون!”، وكان واضحاً أنّه تلقّى مكالمات غاضبة فيها من التهديد بالويل والثبور وعظائم الأمور، وفي حقيقة الأمر فإنّ ذلك ترافق أيضاً مع قصيدة لطويل العمر حيدر محمود عنوانها :”نشيد الصعاليك” لم تنشر بالطبع إلاّ بعد زمن.
كان مصير محمود الكايد الطرد من “الرأي” بعدها بأشهر، ومنع بدر وفخري وخالد من الكتابة، أمّا أنا فقد سلّم الله بأن حُوّلت إلى الثقافة والفن بعيداً عن السياسة، ولكنّ “المواطن سين” كان تجاوز حالة “التقبيع” فوصل إلى الغضب الجامح، وصار ما صار من أحداث نيسان، التي سمّيت كذلك بالهبة، وأيضاً بالانتفاضة!
وبعد أن نترحم على أرواح الزملاء الأحباء، نقول: ما أشبه اليوم بالبارحة، فنحن نتحدث الآن بعد ثلاثين سنة عن “إبن المواطن سين” الذي خرج والده إلى الشارع لسبب أزمة اقتصادية خانقة، ومعها رفع أسعار، وانهيار في سعر الدينار، وبيع ذهب البنك المركزي، وها هو هذا الإبن يكتشف أنّ كلّ سياسات الاصلاح الاقتصادي والسياسي الموعودة لأبيه بعد نيسان لم تثمر شيئاً، بل كان العكس هو الصحيح.
حينها، كانت المديونية سبعة مليارات دولار، واليوم تصل إلى سبعة وعشرين مليار دينار، والشارع المستفزّ أيامها على رفع أسعار المحروقات صار جائعاً الآن، ودون “طول سيرة”، فلا نسأل أنفسنا إذا خرج علينا كتّاب جدد يتساءلون: “حين ولماذا وكيف وهكذا قبّعت مع إبن المواطن سين”، وللحديث بقية، كالعادة!