استفتاء في «الاردن» حول العودة
ماهر ابو طير
29-07-2009 12:49 PM
لا يمكن لاي لجنة حكومية حالية ، او مستقبلية ، ان تحدد اعداد الاردنيين الذين سيمارسون حق العودة ، مسبقا ، فكلها ارقام ، لا يمكن الحسم بشأنها ، وتوقعات سطحية بناء على مؤشرات محددة.
اجراء استفتاء بين الاردنيين ، الذين ينطبق عليهم حق العودة ، امر مفيد للدولة ، فهو سيكشف مبكرا الارقام ، التي تريد العودة ، وسيجعل اي خطوة او معالجة لهذا الملف ، معالجة دقيقة ، خصوصا ، ان أرهاصات الحل النهائي ، تطل برأسها ، ولا يمكن ان يقبل احد ان يفاجأ الاردن ، بصفقة سرية او علنية ، او بناء موقفه على اساس اعتقاده ان رقما محددا يريد حق العودة ، فقد يأتي الاستفتاء بنتائج اكبر من توقعات اي لجنة حكومية ، وقد يأتي بنتائج اقل ، والرقم مفيد للدولة ، لاعتبارات كثيرة ، اهمها جعله "مستندا خاصا" بها ، دون اعلان نتائجه ، لتعلم حقيقة موقف كثيرين ، بدلا من وكالة البعض في الحديث عنهم ، من جانب فعاليات سياسية واعلامية ، بأعتبارهم يريدون العودة ، او لايريدون.
نقطة ضعف مثل هذا الاستفتاء ، تتعلق بكون الاردن ، لا يريد حصر عدد الراغبين بالعودة ، ضمن عدد محدود ، يلزمه مسبقا ، بمواقف مسبقة ، او يضيق مساحات حركته ، دوليا واقليميا ، في حين ان نقطة الضعف لها وجه اخر يتعلق بالناس ، الذين قد لا يتمكن بعضهم من اعلان رأيه ، لانه لا يعرف ما نتائج اعلان موقفه ، على حقوقه الدستورية ، او على افاق عودته ، وبمعنى ادق لايعرف ماتأثير الادلاء المسبق بموقفه ، على مستقبله ، خصوصا ، ان كل المشهد يحفل بتغيرات وتقلبات ، على الصعيدين الدولي والاقليمي ، غير ان اهم ما في فكرة الاستفتاء ، انها تجعل الدولة مطلة وحدها على بياناتها ، وعلى مالديها تحديدا ، من مواقف ، ويجعلها امام الرقم الاحصائي ، في وضع قوة لادارة الموقف ، في حال اسفرت القصة كلها ، عن ممارسة لحق العودة.
خبراء حكوميون يقولون ، دون سؤال احد ، انهم يتوقعون ان يمارس جميع سكان المخيمات ، حق العودة ، اذا كان متاحا ، في حين ان قلة قليلة ، من الاخرين ، من سكان المدن ، سيمارسون حق العودة ، وهو رأي يعتمد على استخلاصات لها علاقة بالوضع الاقتصادي والاجتماعي في المخيمات ، وانه سيجعل حق العودة حاضرا بقوة ، وهو رأي على وجاهته ، غير كاف ، لان كثرة في المخيمات ، ميسورة ماليا ، ولاتعلن ذلك ، ولا يكفي المؤشر الاقتصادي ، لتحديد الموقف من حق العودة ، اذ ان الحق يبقى مقدسا ، ولايمكن اعتبار ان الفقراء فقط سوف يمارسونه ، وهنا مربط الفرس في الدعوة الى استفتاء الناس ، بشكل قانوني ، حول ما يريده الانسان ، ولو من باب العلم ، بدلا من وضع نظريات ، قد يأتي عكسها ، او مثلها ، ومن جهة اخرى لا يمكن التنبؤ مسبقا ، بموقف من يسمونهم خبراء حكوميين ، بسكان المدن ، فالمقياس يخضع لمعايير وطنية ودينية واقتصادية واجتماعية ، اعمق بكثير ، مما يظن البعض ، ولا شك ان البحث عن اجابات "عن بعد" ، هو امر غير علمي ايضا.
مقابل كل انسان يخرج من فلسطين ، يحل اسرائيليا ، ودينيا ، فان حق التعويض محرم ، وحق العودة مقدس ، ومثل هذا الاستفتاء ، ينهي عصفا عاما ، اذ سيقول اللاجئون كلمتهم ، بدلا من ادارة المشهد عبر "وكالات خاصة" انتزعتها فعاليات عادية ، للنطق باسم الناس ، سواء اولئك الذين يريدون حق العودة ، او اولئك الذين لا يريدونه ، وبرغم ان حق العودة ، لايحتاج الى استفتاء ، الا ان اجراؤه سيكشف التفاصيل التي"نتحزر" حولها كل يوم ، وعلينا ان نجهز ارقامنا الدقيقة ، لان اسرائيل لا شك لديها ارقامها المسبقة.
استفتاء الناس ، حق لهم ، وحق للدولة ايضا.
mtair@addustour.com.jo