بات من السهل علينا نحن المواطنون ان نفكر بأننا قادرين أن نزور درعا والمزيريب ونوى ودير البخت ,و اصبح من السهل ان نكون في الزبداني والغوطه والصالحية والحريقة , واي بقعة في ثرى دمشق العتيقة , وبات من السهل أن ازور بيروت وطرابلس والنبطية واي بقعة في لبنان دون الذهاب للمطار الذي امضيت اربع سنوات اثناء دراسة الدكتوراه في بيروت .
فالشعور العام لدى الناس في بلاد الشام اصبحت مهيئة لان نطوي صفحة السنين العجاف ونبدأ من جديد ,فالايام تطوي وبعث الحياة من جديد سمة انسانية لمن ينظر للمستقبل . ومن يفكر ان الرماد يجب ان يزول وان شعلة النار لا بد وأن تنطفيء وأن الارض المحروقة لا بد وان تبزغ في ثناياها الحياة والنظارة والامل . فقد طوت الايام شعوبا وحضارات , وأظهرت شعوبا وقبالئل ودول وحضارات , فالتاريخ هو التاريخ , ومن آمن فيه فلا بد وان ينهض من جديد , ولا بد من ان يرمي معاول الهدم ليحمل مصابيح الضياء , وهكذا يجب ان نكون أمة حية ترمي من وراءها سواد الايام وتبصر باحداقها امل المستقبل , في سوريا والعراق , في اليمن وليبيا وتونس , وفي اي بقعة من ثرى هذه الامة الماجدة . فهل من مصلحتنا عودة اللحمة , أم ما زلنا سنشهد اقزام التاريخ تتلاعب لتعود بنا الى ما دون الصفر . ؟
هل من مصلحة الامة العربية عودة دمشق الى حاضنة الدول العربية , كما عادة القاهرة في نهاية السبعينات واتفاقية كامب ديفد. وهل من مصلحة الامة طي هذه الصفحة , كما طوينا صفحات وصفحات من المؤامرات والاتهامات وقذف المحصنات من الدول . فقد أدرك الزعماء والقادة أن مصائر الشعوب لعنة لمن لا يعمل لمصالحها ووبال سيلعن فيه التاريخ كل من تلطخت يداه بعار الامم والشعوب ونحن على يقين على ان التاريخ لا يرحم . اروبا المشتعلة والطغيان المبني على الحقد والحروب التي مزقت الامم وحرقت افئدة الامهات وطغت على كل مقدرات اروبا الشرقية والغربية , نجدها تضع ميثاق بنتسلفا عام 1639 بالمانيا الاتحادية وتضع وزر الدمار لتنطلق نحو الوحدة والعمل والعطاء ولتصبح اروبا , اروبا الحضارة والعلم والتطور .
سأذهب الى دمشق وساتجول في الزبداني , وفي درعا وساشرب من مياه الفيجة , فسورية عربية وستبقى دمشق اقدم مدينة في التاريخ هي نفس الشام الشامخة في العصر الاموي , وستبقى صامدة رغم محاولات كلنتون ونتنياهوا , وستبقى اخت عمان والرياض والقاهرة وبغداد , اللاتي حاول المغتصبون اصابة خدرها فرفضت وكانت الشريفة على رؤوس الاشهاد.
فهل يراها القادة كما نراها كمواطنين وشعب عربي .
من الطبيعي إن الكثير من الزعماء العرب لديهم رؤيتهم الاقليمية والدولية , وهم يرون وبحكمة ا لعربي المنتمي لعروبته إن عودة سوريا لحاضنة الامة انما يشكل صفحة جديدة في العلاقات العربية ونظرة اخرى في أن الامة لن تموت ولن تتمزق ولن يتلاعب بها الدب الابيض أو الحوت الازرق أو اصحاب الافكار التصديرية . العديد من الزعماء العرب تابعوا وشاهدوا ما جرى ويجري في سوريا ولم يجدوا غير الصدر المفتوح والايادي المشرعة , فهل أدركنا بعد كل الذي حصل أننا موجودون مع بعضنا ولا وجود لنا بعيدا عن شعار الوحدة .
إن الدعوة الى مشاركة سوريا في القمة القادمة امتحان حقيقي لقومية الامة ووعيهم للمؤامرات وإدراكهم لملخص لعبة الامم وما اصبحنا عليه , ان عودة سوريا لحاضنة الامة والجامعة العربية ودعمها , هو قرار رجولة وقوة وهي رسالة على استيعاب الامة لهذه المؤامرة وان الجوامع والتقارب اكبر بكثير من مفاهيم الفوارق والتباعد.
الاهتمام الاردني وسعيه تجاه عودة سوريا وحديث الشارع والمؤسسات والقيادات السياسية يمثل بمثابة التوجه العام الاردني وتطلعه نحو الجارة والشقيقة سوريا و فكما كان الاردن الطرف والسبب في عودة مصر بعد عزلها عربيا عام 1978 فسيكون الاردن العامل الناشط في أن يلتئم العرب وشفاء الجريح القديم .فإيمان الاردن بقوميته هو مشروع ايمانه بالبقاء ومحاربة الفناء وبعروبته وادراكه لأهمية اعادة اللحمة العربية والتركيز على القضايا المصيرية كقضية فلسطين ومواجهة التحديات التي يفرضها المخطط الصهيوني بدعم امريكي مطلق.
سوريا توشك ان تحكم قبضتها على سوريا بعد ثماني سنوات من النزاع وتسير امورها في شمال وشمال شرق البلاد بعد التحالف مع الاكراد لتبقى مواجهة منطقة ادلب , آخر معقل للفصائل المقاتله والجهادية التي تطبق اتفاق روسي تركي, في حين يشكل تنظيم داعش التحدي الثاني وانتشاره في البادية السورية من الحدود العراقية حتى وسط البلاد في حين تواجه قوات سوريا الدمقراطية داعش شرق البلاد. بحيث ياتي انسحاب الامريكان ليعطي دفعة لاعادة الحديث حول القوات الايرانية والروسية واطماعها في سوريا ومخططها القادم , فالانفتاح العربي على دمشق مربوط بوضوح بالانساحاب الامريكي وتوجه الامريكان تجاه دمشق وهذا ما اكده الباحث في مركز الامن الامريكي نيكولاس هيراس لفرانس برس ..
الامم المتحدة وروسيا دعت العالم للمساهمة في اعادة اعمار سوريا حيث تشير التقديرات ألاولية لمشاريع لاعمار ب400 مليار دولار.