من الاتراك الى الذهبي .. طيبة الكرك تعاني لعنة التهميش
فارس الحباشنة
28-07-2009 08:13 PM
بعض القضايا تبرز كم أن الوطن بحاجة الى مراجعة شاملة لمشروعه التنموي والاصلاحي ، وكم أن الحاجة لمحاسبة المسؤولين عن تقصيرهم في حل قضايا المواطنين بعيدا عن نمط التهميش ملحة .
اليوم أهالي "طيبة الكرك " يعتصمون أمام دار رئاسة الوزراء أحتجاجا على انقطاع المياه عن بلدتهم منذ حوالي ثلاثة أشهر وهم باحتجاجهم لا يعبرون عن غضبهم لانقطاع المياة فقط ، أنما يتناسل في خيال أفكارهم ما تمارسه الحكومة من قطيعة مطلقة مع هذا الحيز الجغرافي و الديغرافي من أبناء الوطن .
هم يحلمون كغيرهم من هامشي الجنوب بان يوزرهم مسؤول حكومي لمرة واحدة في السنة ليطلع على مشاكلهم و قضاياهم و ليستمع مباشرة لازمة الانسان هناك ، وكم تتصاعد حدة معاناتهم يوميا مع الجغرافيا وقسوة البئية وحرارة الشمس الملتهبة وسط برود حكومية صوب أبسط حاجات الانسان الطبيعية والبيولوجية .
من أزمة الماء الى الطعام و" المسكن " هي بذور ومحركات أي ثورة أجتماعية هكذا علمنا التاريخ ، فاذا عدنا الى دروس الاولين و تجاربه وجدنا أن حوامل التغيير الجنوبي تكون دوما أقصى على المركز وتوابعه المرفهة بخيارات الوطن .
اهالي "الطيبة" الكريمة اختصروا طريقا أمام الاف الجنوبين المنشغل فكرهم بحكم الجغرافيا بالحقد على ممارسة أهل المركز لقطيعة ولربما لتهميش مقصود ، فالجغرافيا في الاردن ترسم مسارات التغيير في كل شئ .
ازمة "الطيبة "تجدد السؤال حول مشروعية أعيان الوطن و نخبه السياسية الجهوية وما يمارسوه من أقصاء لاصولهم ومساقط رؤوسهم التي أمتلت كرها لذواتها ، فالطيبة ليست ببعيدة عن ما تعانيه قريتي دمنة وشيحان شمال الكرك أثر سطو أحد المتنفذين على حصتهم من المياه لري مزرعاته ، ولا عن راكين وبتير و أدر و أم رمانة اللواتي لا تقل معاناة أهاليهن عن معاناة" الطيبة " و الاطرف في أزمة المياة في الكرك وهي بارزه منذ بداية صيف هذا العام أن حصص ضخ المياة المخصصة للقرى الكركية تذهب لري مزارع لمتنفذين كركية يزرعون الثوم و التفاح والبرتقال في غير بئيتها و لكن ....
وأن أنهى رئيس الوزراء نادر الذهبي أزمة مياة "الطيبة " و أنا أشك في ذلك لانه لو أوعز لوزير المياة رائد ابو السعود أن يتخذ أجراء فان جهل الوزير بالجغرافيا سيعطل تسريع تطبيق الاجراء ، فلعنة التمهيش حاضرة هنا و هناك .
التجربة أثبتت أن فعل " تهميش الجنوب " ممهنج بحكم التاريخ ، اذا ما عدنا الى حقبة الحكم التركي في مطلع القرن الماضي لاكتشفنا تطابقا بفعل التهميش ولكن تختلف الظروف قليلا .
فهذه القرية واعتقد ان الحكومة لا تعرف على الاطلاق ان بعدها عن مركز محافظة الكرك وصعوبة ظروفها الطبيعية و طيبة أهلها وكرمهم جعلتها في التاريخ الاجتماعي للكرك مكان " مجلي " للكركية ممن يوقع بينهم قضايا دم وخلافات عشائرية ، أفلا تستحق هذه "هبة أهتماما حكوميا ؟ .
faresh26@yahoo.com