الحركة الأردنية شرقًا وشمالاً
د.رحيل الغرايبة
01-01-2019 12:17 AM
تحرك رئيس الوزراء باتجاه تركيا والعراق يأتي في سياق تدشين مرحلة جديدة على الصعيد السياسي والاقتصادي، ولعلها تكون لحظة انفراج واسعة بعد وقف الحروب الداخلية المستعرة منذ عدة سنوات في كل من العراق وسوريا، والتي أدت إلى وقوع الأردن في حصار حقيقي يفرضه الواقع على الحدود الشمالية والشرقية، ولذلك فإن الأردن معني بالمبادرة في التواصل مع دول الجوار؛ كل من سوريا والعراق وتركيا، من أجل إعادة الحركة الطبيعية على الحدود وإعادة الحالة السياسية الطبيعية وبناء الحركة التجارية والاقتصادية، وتسهيل حركة عبور المسافرين والبضائع بطريقة طبيعية.
بعد عودة الهدوء النسبي إلى سوريا، ينبغي على الأردن المبادرة إلى التعامل مع المرحلة الجديدة بما تقتضيه الاستحقاقات السياسية والاقتصادية، وبما تقتضيه المصالح الأردنية العليا، التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتحقيق الاستقرار السياسي الفعلي في كل من العراق وسوريا، وربما من نافلة القول أن السوق الأردني جزء لا يتجزأ من السوق العراقية والسورية، ولا يتصور إقامة حياة أردنية طبيعية دون فتح الحدود مع العراق وسوريا بصورة عادية ومنضبطة، وضرورة تجاوز مخلفات المرحلة السابقة، مع الإقرار بأن ذلك يحتاج إلى جملة معالجات هادئة ومتوازنة في إطار من المسؤولية العالية التي تبنى عليها مصلحة الشعوب العربية في الإقليم .
سوريا مقبلة على حركة إعمار واسعة، وتحتاج إلى أموال وجهود وتعاون وشركات متخصصة كبرى وصغرى، وينبغي أن يكون الأردن حاضراً في ظل سعي بعض القوى الإقليمية إلى الاستئثار بالساحة السورية والاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الكعكة السورية، وخاصة الطرف الإيراني، وأمام قدرة الأردن على الاستفادة من الوضع السوري عقبتان كبيرتان؛ الأولى تتمثل بالدور السياسي الذي شاب العلاقة الأردنية السورية من جانب، وكذلك ملاحظة الأثر العظيم للدور الروسي والدور الإيراني اللذين يريان نفسيهما الأكثر أحقية بالاستحواذ على المشهد السوري القادم، أما العقبة الثانية فتتمثل بقدرة الأردن على الاستعداد للدخول الفعلي في هذا المعترك على صعيد الحكومة والقطاعات التجارية المختلفة وقطاع الإسكان، حيث يفترض الاستعداد الجماعي القائم على التنسيق بين القطاع العام والخاص، والقائم على جمع المعلومات والدراسات الكافية، والقدرة على التسويق وصناعة الشراكات المطلوبة مع مختلف الأطراف الفاعلة.
الانفتاح على تركيا أمر لا يقل أهمية عن الانفتاح على دول الجوار العربي، لأن تركيا تمثل قوة إقليمية مؤثرة سياسياً واقتصادياً، ويمكن التفكير بمد جسور التعاون والتنسيق بما يخدم السوق الأردني، وضرورة تفعيل الموقع الجغرافي الأردني والاستثمار في الاستقرار السياسي الأردني ليشكل قاعدة انطلاق للتعامل مع مختلف الأسواق شرقاً وجنوباً وشمالاً.
نتمنى لدولة الرئيس عمر الرزاز النجاح في تدشين مرحلة الانفراج الجديدة ضمن رؤية واضحة ومشروع مدروس جيداً وبرنامج عمل يحقق الانفراج الاقتصادي للأردن.
الدستور