جمعية مستثمري قطاع الإسكان ومخاطر السقوط
المحامي محمد الصبيحي
28-07-2009 05:55 AM
استطاعت (جمعية المستثمرين في قطاع الاسكان) في وقت ما من المساهمة في تنظيم الاستثمار في هذا القطاع الحيوي والحيلولة دون المضاربة غير المشروعة التي تهدف الى ابتلاع السمك الصغير أو إخراجه من السوق، وبذات الوقت تمكنت من بناء علاقات مهنية ايجابية بين أعضائها ومد جسور التعاون مع نقابة المهندسين ومع الجهات الحكومية ذات العلاقة بالقطاع، والمساهمة في حل الخلافات بين كثير من المواطنين وبين شركات الإسكان.
لكن الامور لا تسير دائما في الاتجاه الصحيح خاصة ويمكن أن تنحرف العربة عن السكة عندما يحدث خلل فني في القاطرة الاولى التي تجر القطار، أو عندما تكون الأحوال الجوية والمهنية غير مواتية للإبحار.
وفي ظل حالة الركود في قطاع الاسكان المتواصل منذ عامين فان الصمود والمحافظة على موطىء القدم في مكانه بدون تقدم ولا تأخر يصبح إنجازا وربحا له قيمته، واذا ما كانت هناك كعكة يمكن اقتسامها فان التوزيع العادل يعزز روع الجماعة ويقوي بنيانها، ولكن الامور ليست كذلك في مجال التجارة، والعمل في سوق متوحش ليس كالعمل في بازار خيري، ومن هنا فان عقلية الهيمنة والاستحواذ تكشر عن أنيابها في ظروف صعوبة السوق، ومحاولة السيطرة واخراج الاسماك الصغيرة تصبح مغرية أكثر وكاسرة بضراوة، وهو ما حدث ويحدث الان في قطاع الاستثمار في الاسكان وبأيدي نافذة متحصنة تزعم أنها تنعم بحماية الجهات الرسمية والتشريعات الدستورية، وأخرى لها مصالح وثيقة مع هذا القطاع.
الان توشك الجمعية الناظمة لهذا القطاع الاقتصادي الحيوي على التشظي والتفتت بفعل ضعف أدارتها وتغول القوى الاقتصادية النافذة عليها والتمييز بين الاعضاء وحرمان أكثر من أربعين عضوا من أعضاء الجمعية من الامتيازات والمشروعات التي سبق أن أصر وزير سابق على التعامل فيها مع عدد محدود من أعضاء الجمعية لأسباب باتت مفهومة، ويجري الان الحديث همسا عن تأسيس ائتلاف شركات جديد أو جمعية جديدة أكثر عدالة وأنصافا وشفافية وفاعلية .
ما أردت قوله هنا أن حالة الركود التي يعاني منها الاستثمار في قطاع الاسكان ليست حالة أردنية وانما إقليمية ودولية وهي أكثر حدة في دول الخليج العربي حيث هبطت أسعار العقارات في دبي بنسبة يقال أنها وصلت الى ستين بالمائة وبنسب أقل في قطر والسعودية، وسمعنا أن غالبية المشترين في عقارات دبي يتنازلون الان عن الدفعة الاولى التي دفعوها مقابل الخلاص من عقد الشراء دون جدوى، ولكننا نحمد الله أن الوضع في بلدنا يختلف تماما فالهبوط في أسعار العقارات لم يتجاوز عشرين بالمائة، وكان من المتوقع أن يكون لجمعية المستثمرين في قطاع الاسكان دور أبوي وعائلي أكثر في حماية القطاع من الانهيار، وحينما جاءت مشروعات (سكن كريم لعيش كريم) بمبادرة ورؤية مستقبلية ثاقبة لجلالة الملك، تقدمت الجمعية لتنفيذ هذه المشاريع بروح تضامنية من أعضائها وبروح وطنية أيضا لأنجاز رؤية جلالة الملك، وشمرت أدارات خمسة وخمسين شركة عن سواعدها لأنجاز هذا المشروع الوطني الضخم الا أن التفاف بعض الشركات الكبيرة على الموضوع حرم أكثر من نصف الشركات المؤهلة من المشاركة في هذا الجهد الوطني بالاضافة الى تجاوزات مهنية في القطاع وشراء حقوق التنفيذ، وغيره مما يدخل في باب الفساد المهني وأنعدام الشفافية يوشك الان على تمزيق هذه الجمعية التي ينبغي أن نحرص جميعا على وجودها ناظمة لقطاع الاستثمار في الاسكان خشية أن تدب الفوضى ولايجد المواطن المتضرر ملجأ الا القضاء اذا ما أختلف مع شركة وضع لديها مدخرات عمره من أجل سكن يأوي اليه في شيخوخته، وخشية أن يتحول التنافس الايجابي بين الاعضاء الى معركة كسر عظم وأبتلاع المتضرر الاكبر منها الاقتصاد الوطني وسوق العمل بالدرجة الاولى.
نأمل من أدارة الجمعية أن تدرك المخاطر التي تحيق بالجمعية وأن تجد الوقت الكافي لمعالجة تصدعات البيت الداخلية قبل أن يصل التصدع الى الاساسات حيث لاينفع ترميم ولا جدران أستنادية