هذا جواب معالي نائب رئيس الوزراء الدكتور رجائي المعشر للنائب ديمه طهبوب التي وضعت سلة فيها بعض المستلزمات الأساسية للعائلات الأردنية كرمزيةٍ للتعبير عن تذكير الحكومة بواجبها تجاه الشعب الذي تسلطت عليه الحكومات والفاسدين حتى أرهقوه وأفقروه وجوّعوه وضيّعوه غير آسفين عليه ، ولا يرفُّ لهم جفن على معاناته التي تفوق أي وصف ولكنها أبداً لن تلامس مشاعرهم المتوحشة والغارقة في وحل السادية .
حاولت فهم عبارة معالي نائب دولة الرئيس على أي منحىً فلسفي كون هؤلاء ( الكبار ) ربما تحتاج إلى معرفةٍ كبيرة في علوم الكلام والفلسفة وطرائق الحَيْدَة والسفسطائية لفهم مرامي كلماتهم التي بواطنها أكبر من ظاهرها ، ولكني لم أهتدي إلى أي مضمون في العبارة فيه ما يردُّ به بوصول الرسالة أو بما يدحض به وجهة نظر النائب والتي هي من صفوف المعارضة كي لا تسجل هدفاً في مرمى الحكومة المُحصّن ، أو جواباً يشي بالذكاء من خلال الالتفاف ويلقي بالمسؤولية على النائب وواجهتها الفكرية .
لم أجد شيئاً من ذلك ، ولكني وجدت عبارةً فارغةً من أي مضمون أو فكرة ولا تعبرُّ إلا عن صلف الحكومة الموروث تجاه ما وصل إليه الناس من المعيشة الضنكى والبؤس وانعدام الأمل وما كان ذلك إلا نتيجة سياساتٍ خرقاء أوهنت الوطن ونتيجة إطلاق أيدي اللصوص والفاسدين ومصّاصي الدماء ليعبثوا بعيش الناس ومقدرات الوطن .
لا غرابة في أن تقول يا معالي نائب دولة الرئيس ما قلت ، وليس مثلكم أو من طينتكم الذي يمكن أن يكون ردّه بأن معيشة المواطن وتردّي سبل عيشه تؤرقنا وهاجسنا وهناك إجراءات واقعية وملموسة في هذا الإتجاه إذ لم يعد الكلام والوعود الزائفة والأماني الكاذبة مهمة أو معتبرة أمام جوع الناس وعوزهم .
ولا غرابة يا صاحب المعالي الرفيع أن تقول ما قلت في ظل الاختلال الرهيب الذي جعل في هذا الوطن فئة تقتلها التخمة ويساوي بذخها وقصورها وترفها أكثر الناس ثراءً في العالم والدول الغنية بل وأكثر والأبشع في الموضوع حين تكون هذه الثروات مصدرها التجاوز على المال العام والفساد والإفساد .
وأبشع ما في البشاعة هذه يا صاحب المعالي الرفيع حين يُمكّن لبعض من فسدوا وأفسدوا إدارة شؤون البلاد والعباد ، ومن لا يُدير الشؤون مباشرةً فيوجهها من خلف الستار أو من وراء الكواليس وما أكثر الكواليس والدهاليز في وطننا العزيز .