عن “التحالف المدني” والحراك المناطقي
فهد الخيطان
31-12-2018 09:45 AM
على مشارف العام الجديد، وافقت لجنة الأحزاب الحكومية على ترخيص حزب التحالف المدني الذي أثار تأسيسه جدلا واسعا في البلاد.
انطلق مشروع التحالف المدني بتوقعات عالية في البداية، لكن كحال كل التيارات السياسية في الأردن برزت خلافات في أوساط نشطاء تيار الدولة المدنية وأركانه، حالت دون انضمام شخصيات بارزة للحزب الجديد.
من المبكر حاليا الحكم على مصير التجربة الوليدة، فهل يكون الحزب مجرد رقم يضاف على قائمة الأحزاب التي ناهزت الخمسين حزبا أو نقطة تحول في مسار الحياة الحزبية.
تأسيس “التحالف المدني” تزامن مع نشاط ملحوظ في الشارع لعدد من الحراكات ذات الصبغة المناطقية والفئوية. وعلى وقع وقفات “الرابع” الأسبوعية، تولدت قناعة لدى حراكيين بضرورة بناء جسم تنظيمي لتنسيق المواقف والتحركات بين عدد من المجاميع النشطة التي تواظب على الحضور كل يوم خميس في ساحة مستشفى الأردن.
هل يمكن أن يتطور الإطار التنسيقي مستقبلا لحزب سياسي؟
هذا أفضل ما يمكن أن يحصل للحراك، لكن التجارب لا تبعث على التفاؤل.
حاليا يسعى حراكيون لتوسيع قاعدة التحالفات وجذب أحزاب سياسية ونقابات مهنية لجانبهم. لو افترضنا نجاح هذه الخطوة على صعوبتها الشديدة، فالنتيجة النهائية تعني تآكل دور ومكانة الحراكات في الهيئة الموسعة، بالنظر إلى قوة ونفوذ النقابات المهنية وعدد من الأحزاب الكبيرة، القادرة بحكم خبراتها وتقاليدها على التهام الحراكات وتذويبها.
وثمة إشكاليات أهم تعترض طريق الحراك. إن ما يوحد الحراكيين لغاية الآن مجرد شعارات براقة يصرخ بها المحتجون في ساحة المستشفى، لا يتوفر لها الحد الأدنى من شروط النجاح كبرنامج عمل متكامل لحزب سياسي أو حتى هيئة تنسيق. ومن يدقق في تباينات الخطاب السائد في أوساطهم سيخلص إلى أن التباينات بينهم تفوق في بعض الحالات خلافاتهم مع الحكومة أو ما اصطلح على تسميته بالنهج السائد.
مع الأحزاب والنقابات هامش الخلافات أكبر بكثير، ويصل إلى حد التناقض التام في مقاربة الأوضاع في البلاد وسبل التغيير. برنامج الحد الأدنى المرحلي ممكن، لكنه لن يصمد لأكثر من مناسبة مطلبية، وسرعان ما تندلع الخلافات إذا ما شرعنا بمناقشة تعديلات قانون الانتخاب، على سبيل المثال، أو الموقف من النهج الاقتصادي ودور القطاع الخاص. فما سمعنا من خطب لقيادات في الحراك اجتمعت مؤخرا، يشي بنتائج خطيرة مؤداها تعريض وحدة البلاد للخطر، ووضع السلم الأهلي على المحك.
يتعين أولا البحث عن لغة سياسية تتجاوز الشعارات، فما يصلح للهتافات في الشارع لا يصلح في ميدان العمل السياسي والحزبي. وليس من حل سوى التفكير جديا بتأسيس حزب سياسي بالطرق القانونية، والانتقال للعمل عبر مؤسسات الدولة الدستورية، والضغط من أجل التغيير بالوسائل الديمقراطية مع الإيمان بوجود قوى أخرى تملك وزنا وحضورا اجتماعيا وسياسيا تختلف معها في المواقف، ولها الحق نفسه في التعبير عن نفسها ضمن قواعد اللعبة الديمقراطية.
مصلحة الأردن هي في حياة حزبية نشطة بدلا من حالة الشرذمة التي نعيشها.
الغد