المركز الكاثوليكي يستعرض البانوراما الدينية لعام 2018
31-12-2018 08:51 AM
عمون- كما في كل عام، يسرّ المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام أن يستعرض الحالة الدينية محليًا وعالميًا في العام الماضي 2018، ويطيب للمركز أن يعلن عن عنوان هذا العام: "تمبلتون: من الأردن رسالة سلام وإخاء للعالم أجمع"، وذلك لأن الجائزة هذا العام قد تسملها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، تكريمًا لشخص جلالته ومبادراته، وتكريمًا للأسرة الأردنية المتحابة والمتضامنة. ويتمنى المركز الكاثوليكي عامًا سعيدًا للأسرة الأردنية الواحدة والأسرة البشرية.
ابتدأ العالم العام المرتحل 2018 بالقضية المركزية: القدس الشريف، وتداعيات الإعلان عن نقل السفارة الأميركية. وجرت هنالك مبادرات عدة في الأردن وفي العالم، من أجل الحث على إلغاء القرار الأحادي، ورفع الضيم عن المدينة المقدسة. وتم التأكيد على الحق الهاشمي التاريخي بالوصاية على المقدسات، وبأن القدس الشرقية هي العاصمة لدولة فلسطين وينبغي الحفاظ على الطابع العربي فيها. وأكدت دول الأمم المتحدة بالإجماع رفضها للمشروع الأميركي. ودعا الكرسي الرسولي – الفاتيكان، إلى احترام مواثيق الأمم المتحدة والحفاظ على الوضع الراهن في القدس.
وعقد "مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس"، وذلك في العاصمة المصرية القاهرة، تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبرئاسة شيخ الأزهر أحمد الطيب، ومشاركة وفود من 86 دولة. وهدف المؤتمر إلى البحث في آليات عملية وأساليب جديدة تنتصر لكرامة الفلسطينيين، وتحمي أرضهم، وتحفظ هوية المقدسات الدينية.
وفي الأردن تم الإعلان عن تأسيس المجلس الاستشاري للمركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، برئاسة معالي الدكتور رجائي المعشر، ومشاركة عدد من الشخصيات النيابية والإعلامية.
وفي شباط 2018، تم إغلاق كنيسة القيامة في مدينة القدس الشريف، ولأول مرة في التاريخ، احتجاجًا على إجراءات ضريبية فرضتها إسرائيل، ومشروع قانون حول الملكية الذي يطال أملاك الكنائس المسيحية. وقال حينها بيان رؤساء الكنائس المسؤولة عن القبر المقدس: "نتابع بقلق بالغ الحملة الممنهجة ضد الكنائس والجماعة المسيحية في الأرض المقدسة، في انتهاك صارخ للوضع القائم".
وفي شباط كذلك وقّع المشاركون في مؤتمر دولي عقد في فيينا، بتنظيم من مركز كايسيد (الملك عبدالله بن عبد العزيز للحوار بين الأديان والثقافات) على إطلاق "منصة للحوار والتعاون بين القيادات والمؤسسات الدينية المتنوعة في العالم العربي"، والتي تهدف إلى تعظيم دور القيادات والمؤسسات الدينية المتنوعة والفاعلين في الحوار بين أتباع الأديان والثقافات من أجل تعزيز التماسك الاجتماعي والعيش المشترك وترسيخ ثقافة المواطنة الحاضنة للتعددية واحترام التنوع.
وفي آذار 2018 فقد أقيم، ولأول مرة في الأردن، بعد عشر سنوات على إعلانه في لبنان، حفل وطني بمناسبة عيد بشارة السيدة العذراء، نظمه المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، ورعاه نائب رئيس الوزراء الأردني جمال الصرايرة، بحضور مئات الشخصيات الإسلامية والمسيحية، وأخذ شعار: "معًا حول السيدة العذراء".
في شهر أيار، جاء الإعلان عن تسمية البطريرك الكلداني لويس روفائيل ساكو كادرينالاً في الكنيسة الكاثوليكية الجامعة. ويمثل هذا التعيين دعمًا كبيرًا لكنيسة العراق، وتعبير عن قرب قداسة البابا فرنسيس من الأراضي الملطخة بالدماء البريئة، والتي كثيرًا ما تعرض المسيحيون إلى العنف فيها. كما يعدّ علامة عن قرب البابا وحاضرة الفاتيكان من العراق بجميع مكوناته، وبارقة أمل لمستقبل أفضل.
وفي تموز، دعا البابا فرنسيس بطاركة ورؤساء كنائس الشرق الأوسط إلى مدينة باري الإيطالية، حيث عقدت صلاة مسكونية (شاملة لجميع الكنائس) ويوم تأمل حول الوضع المأساوي الذي يتعرض له في الشرق الأوسط "الكثير من الأخوة والأخوات في الإيمان". وقد ندد البابا فرنسيس باللامبالاة والصمت المتواطىء من قبل العالم إزاء مواجهة المأساة التي لا تنتهي في الشرق الأوسط، والتي وصفها بأنها "بكاء ومعاناة وصمت، بينما يدوس الآخرون على تلك الأراضي بحثًا عن السلطة أو الثروات".
وفي أيلول، زار أسقف مدينة لورد الفرنسية المطران نيكولا بروييه المملكة الأردنية الهاشمية، حيث التقى خلال زيارته عددًا من المسؤولين ورؤساء الكنائس في المملكة. وترأس ثلاثة احتفالات دينية رئيسية. كما تم الاعتراف الرسمي بمزار جديد للسياحة الدينية "مزار سيدة لورد في ناعور".
وفي تشرين أول، عقدت الكنيسة الكاثوليكية الجمعية العامة العادية الخامسة عشرة لسينودس الأساقفة حول موضوع "الشباب، الإيمان وتمييز الدعوات"، من 3 وحتى 28 تشرين الأول. وشكّل السينودس العالمي فرصة للتحدث مع الشباب (وليس التحدث عنهم)، والتأكيد بأن الكنيسة تقف إلى جانبهم، وتسير معهم، وتصغي إلى آلامهم وآمالهم. وإبان الاجتماعات تم إعلان البابا بولس السادس قديسًا، وهو الذي زار الأرض المقدسة مبتدئًا من الاردن عام 1964، في أول زيارة للحبر الأعظم خارج الأراضي الإيطالية.
في تشرين ثاني، استضافت البطريركية الكلدانية مؤتمر بطاركة الشرق الكاثوليك، تحت عنوان: "الشبيبة علامة رجاء في بلدان الشرق الأوسط". وأتى اللقاء، ولأول مرّة في بغداد، كـ"تعبير ناطق عن تضامن البطاركة مع هذا البلد، وعن تواصلهم مع مسيحييه، وتشجيع على عودة النازحين والمهجَّرين إلى قراهم وبلداتهم"، ومؤكدين أن المؤتمر هو "رسالة لمناهضة التعّصب والتطرّف وترسيخ قيم العيش الواحد".
وفي الشهر ذاته، تسلّم جلالة الملك عبدالله الثاني جائزة مؤسسة جون تمبلتون العالمية للحوار، خلال حفل أقيم في كاتدرائية واشنطن الوطنية. وأتت الجائزة تقديرًا لمبادرات جلالته المؤسسية في مجال إرساء الوئام بين أتباع الأديان ومحاربة التطرف، والتزامه بحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس ضمن الوصاية الهاشمية التاريخية، وجهوده في حماية حرية العبادة في الأردن، بالإضافة إلى جهود المملكة في استضافة ورعاية الملايين من اللاجئين.
هذا ومن المنتظر، أن يتسلّم جلالته، وكذلك جلالة الملكة رانيا، العام المقبل 2019، وكما أعلنت قبل أيام الصحف الإيطالية، جائزة "مصباح السلام"، والتي منحها دير الفرنسيسكان في مدينة أسيزي الإيطالية، بفضل التزام جلالتيهما في تعزيز حقوق الإنسان والتآخي. ولفت حارس الدير الفرنسيسكاني الأب ماورو غامبيتّي، إلى أن "هذين الشخصين يتميزان وسط سيناريو الشرق الأوسط والعالم بفضل جهودهما في استقبال وإدارة أزمة اللاجئين، فضلاً عن سعيهما الدؤوب إلى تعزيز حقوق الإنسان".
في كانون أول تم في الجزائر، وفي احتفال في الهواء الطلق، ولأول مرة، إعلان طوباوية (مرحلة ما قبل إعلان القداسة) لتسعة عشر شهيدًا، قضوا على يد الإرهاب البغيض في تسعينات القرن الماضي، وقد تراس الاحتفال الكاردينال جيوفاني باتشو مسؤول شؤون القداسة في الفاتيكان.
ومع عيد الميلاد، قام أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين، بزيارة تضامن إلى العراق الشقيق، حيث احتفل بالميلاد المجيد في بغداد، وزار أربيل ملتقيًا مع المهجرين، حاثًا إياهم على مزيد من الشهادة الحية لإيمانهم. وتم الإعلان قبل الزيارة عن عيد الميلاد عطلة وطنية في العراق.
وفي الأردن رعى جلالة الملك عبدالله الثاني الاحتفال الكبير الذي أقامه مجلس رؤساء الكنائس في الأردن، بمناسبة عيد الميلاد، وحضر مع سمو ولي العهد الامير حسين بن عبدالله والرئيس الفلسطيني محمود عباس حفل ترانيم للمحبة والسلام شاركت به جوقة ينبوع المحبة وعدد من الفنانين العرب والأجانب.
وعادت الاحتفالات الميلادية والحمد لله إلى العديد من المناطق في سوريا، وعقدت العديد من الندوات والمؤتمرات الحوارية بين الأديان في الأردن والعالم. كما أكملت جمعية الكاريتاس الأردنية عملها ومساعدتها للعديد من العائلات الأردنية المحتاجة، والعائلات السورية والعراقية المقيمة في الأردن. كما تميز العام المنقضي بالتضامن الإسلامي والمسيحي في العالم لشجب الإرهاب البغيض، وبالأخص الذي استهدف المصلين في الحافلات في مصر أو في بيوت العبادة.
وعلى بوابة العام الجديد 2019، وفيما تحمل رسالة البابا فرنسيس هذا العام عنوان: "السلام لهذا البيت"، أعلن الفاتيكان بأن قداسته سيزور أبوظبي، عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة، في شباط 2019، للمشاركة في لقاء حوار عالمي بين الأديان حول الأخوة الإنسانية. وتعد هذه الزيارة "تاريخية" كونها الأولى على الإطلاق لحبر أعظم إلى منطقة الخليج العربي. وسيكون القداس الذي سيحتفل به في إحدى الصالات الرياضية الأول لحبر أعظم في التاريخ في منطقة الخليج العربي . كما تمّ الإعلان عن زيارة بابوية ثانية إلى المنطقة العربية، وتحديدًا إلى مدينتي الرباط والدار البيضاء بالمغرب، في آذار المقبل، حيث ستكون فرصة جديدة لتعزيز الحوار بين الكنيسة الكاثوليكية والإسلام، وكذلك لتشجيع الحضور المسيحي المتواضع في المغرب.
وفي النهاية يتمنى المركز الكاثوليكي لجميع البلدان والأشخاص عامًا جديدًا ملؤه المحبة والمبادرات الصادقة، لتقريب بني البشر والاحتفال بالتعددية الدينية الراقية.