facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




الدولة بين (استنزاف المحتجين) و(المراجعات الشاملة)


رومان حداد
31-12-2018 12:17 AM

الحراك الذي يقوم به (المحتجون) خلال الفترة الماضية حراك يدلل على وجود نوايا سيئة مبيتة لدى بعضهم، فرغم ضآلة أعدادهم وعدم تجديدهم لشعاراتهم أو خطاباتهم إلا أنهم يريدون النزول إلى الشارع بصورة دورية، حيث تبدو المعركة التي يقترحونها على الدولة على شكل (معارك استنزاف)، بمعنى أن الدولة تبقى مشدودة ومتوترة طيلة يوم الخميس، وتستنزف إمكاناتها المادية والبشرية، كل ذلك في انتظار حدوث خطأ بشري يؤشر إلى فقدان الدولة لهدوئها، عبر حادثة اصطدام (دموية) بين (فئة المحتجين) وجموع الأمن، وحينها ستكون تلك الشرارة المؤذنة لبدء الاشتعال.

ولا يكتفي المحتجون بهذا السلوك فقط بل يذهب بعض من يوهمون الناس بأنه قادة هذا الحراك، والذين وجدوا في الحالة العامة فرصة كي ينفضوا الغبار عن أجسادهم ويقاومون الصدأ الذي أصاب خطابهم، إلى ابتداع فعاليات (مستنزفة) بصورة تستفز عموم الأردنيين، وتخلق نقاط اشتباك ساخنة وقابلة للتفجر في أية لحظة، ستكون كلفها عالية على الدولة والمجتمع معاً.

في خضم هذا الصخب نطالع إعلاماً إلكترونياً عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإلكترونية جاهزاً للتضخيم وجاهزاً كي يكون مرآة (مقعرة) تضخم الأمور، بل وليستخدم كل خدع (المرايا) الممكنة من تغيير الحجوم والأشكال وتشويه الصورة، لتبدو مقلقة ومخيفة للمواطنين الذين لا يدركون حجم الخداع في الصورة التي يشاهدونها، وهو ما يخلق انطباعاً عاماً يساعد (المحتجين) على الاستمرار، طالما أن هدفهم الحقيقي استنزاف الدولة وتوتيرها، وهو أمر يحصل عند كل نزول للشارع.

المطلوب من الدولة السير على مسارين متوازيين الآن، دون إغفال لأهمية أي منهما أو اعتقاد الدولة بأهمية أحدهما دون الآخر، ويتمثل المسار الأول بمجموعة من الإجراءات التي تساعد على فرض هيبة الدولة خلال فترة قصيرة، والضرب بيد من حديد على كل من يتعدى على هذه الهيبة، دون اللجوء إلى تبريرات تؤجل ذلك كالوضع الراهن وظروف المنطقة وغيرها من المبررات التي تزيد من تراجع هيبة الدولة وتخلق حالة من القلق المبررة عند المواطن حول المستقبل، ويجب أن يترافق ذلك كله بخطاب رسمي واضح وناضج، دون أخطاء، فكل خطأ في هذه المرحلة هو خطيئة، ويجب محاسبة المسؤول عنها بصورة مباشرة وسريعة.

وعلى المسار الآخر يجب أن تقوم الدولة بإجراء مراجعات شاملة لمعرفة الأسباب التي قادتنا إلى هذه المرحلة، من دون خداع للنفس، وأهمية إجراء مثل هذه المراجعة، البعيدة عن الحالات الانطباعية، خلف أبواب مغلقة في إدراك من يقومون بالمراجعة لأهمية عملهم وتأثيره على الواقع، ولا يجوز التلكؤ بإجراء المراجعات الضرورية بحجة الظرف الراهن وما يتطلبه من فعل آني لا استراتيجي مستقبلي.

فالمراجعات التي ستقوم بها الدولة هي التي ستقدم الطريق الحقيقي للخروج من الحالة الراهنة، فالحلول الآنية لفرض هيبة الدولة من جديد تقوم بعمل المسكنات الضرورية لإخفاء الألم إلا أنها لا تزيل أسبابه، فيما ما تقدمه المراجعات من حلول استراتيجية يقدم (الدواء) الذي يزيل سبب الألم والمرض مستغلاً مرحلة الهدوء بفعل (المسكنات).

إذا ما تمت المراجعات بصورة صحيحة يجب أن تضع الدولة حلولاً لأربعة عناوين عريضة كانت هي المداخل الحقيقية لحالة التأزيم والاستنزاف، وهي إيجاد آلية لإحلال مفهومي العدالة والمساواة بدل مفهوم الأقل حظاً، وإيجاد آليات حقيقية لإنتاج السياسيين الحقيقيين بعد أن تراجع السياسيون ودورهم في المرحلة الماضية لمصلحة رأس المال ورجال الأعمال، كما يجب على هذه المراجعات الانتصار لمفهوم (الرجل الثاني) ودوره الحقيقي، فبمقدار ما نستعيد هذا الدور في مؤسساتنا الوطنية بمقدار ما نضمن أن واحدة من أهم العقبات قد أنشئت في مواجهة الفساد، والأهم أنها عقبة تؤسس لحالة منهجية وليس مجرد حالة فزعة، وأخيراً وضع أسس صحيحة للقيام بإصلاح اجتماعي يشكل الأرضية الحقيقية لأية عملية إصلاح مستدامة، وحتى يتحقق ذلك لا بد من إعادة إحياء الطبقة الوسطى، والمقصود هنا إحياء قيمها وثقافتها وليس مجرد حضورها المالي والاقتصادي.

roumanhaddad@gmail.com

الرأي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :