لم يشأ هذا العام المغادرة قبل ان يحمل في طياته تغيرات هامه في الملف السوري،أولها قرار أمريكا الانسحاب العسكري من سوريا مما يعني فتح الباب أمام سيناريو متفق عليه مع أطراف أخرى للازمه أهم معالمه إبقاء الملف الكردي دون مكاسب كبرى لأصحابه ،وأيضا إبقاء جزء من الازمه السوريه مفتوحا ومؤشرا على غياب الحسم الكامل .
وقبل أيام كان قرار الإمارات ومن بعدها البحرين باعاده فتح السفارات في دمشق ،وهما دولتان من المعسكر الصلب الذي كان ضد بشار الاسد ،وكان تفسير الأمر ما قاله الوزير الإماراتي أنور قرقاش بأنه يجب عدم ترك سوريا لإيران وأن عودة العرب إلى سوريا فيه اضعاف النفوذ الإيراني هناك ،وهو منطق سياسي أصبح مؤثرا بعد ان تم حسم العمل العسكري الميداني في سوريا ولم يعد هنالك معارضه مسلحه مؤثره واصبح النظام السوري هو الواقع الوحيد على الساحه بمساندة حلفاءه الروس والايرانيين.
الخطوه الإماراتية ومن ثم البحرينيه كانت الأبرز وليست زياره الرئيس السوداني عمر البشير ،لأن الموقف الخليجي هو الذي صنع الموقف العربي الصلب ضد الحكومه السوريه واخرجها من الجامعه العربيه ،وكان هذا يوم ان كان خيار إسقاط النظام السوري مطلوبا من البعض ومتوقعا من آخرين ،لكن المعادلة اليوم اختلفت .
ربما بعد التطورات في الموقف الخليجي نشهد مزيدا من الأبواب المفتوحه نحو دمشق فسلطنه عمان كانت على تواصل مع دمشق واستقبلت وليد المعلم اكثر من مره ،والكويت كان موقفها معتدلا تجاه دمشق ،أما السعوديه ولأسباب عديده يحتاج اي فتح للأبواب مع دمشق إلى ترتيبات وتحضيرات سياسيه وخاصه .
أما نحن في الاردن فإن الموقف من سوريا لا يحتاج إلى استداره صعبه او تحول استراتيجي لأن الاردن لم يعمل لإسقاط النظام السوري ،وكل اتصالاته وتحالفاته حتى مع بعض القوى السياسيه و الاجتماعيه والعسكريه من المعارضه فقد كانت لهدفين الأول حمايه الحدود والداخل الأردني من تداعيات الازمه السوريه والثاني الحرب على الإرهاب وتنظيماته وعلى رأسها داعش ،وحتى عندما ذهب معظم العرب إلى إغلاق سفارات سوريه لديهم او تسليمها للمعارضه لم يفعل الاردن هذا ومازالت السفاره السوريه تعمل وتقدم خدماتها .
وحتى سفارتنا في دمشق فلم يتم إغلاقها او الإعلان عن هذا بل كانت الأسباب امنيه ولحمايه العاملين فيها اي لم يكن موقفا سياسيا .
ربما يريد الاردن ان تستعيد العلاقه حيويتها بالتدريج ودون ان يتم استخدامها من البعض لإصدار أحكام سلبيه على الموقف الأردني منذ بدايه الازمه ولا ان يصورها البعض على أنها جزء من انتصارات آخرين ،ولهذا كان الحرص الأردني على فتح معبر جابر وعودة الحياه اليه لكن دون ضجيج سياسي ،وربما لا يكون الوقت طويلا قبل ان تكون هناك خطوات سياسيه او غير سياسيه لاعاده العلاقات السياسيه وتنشيط العلاقات الأخرى ،فالاردن كان ومازال مع سوريا الموحده ومع بقاء الدوله السوريه لأننا تضررنا من غياب الدوله عن الجنوب السوري والحدود ....
الحكومه السوريه تستعجل الأمور وهذا طبيعي لأنها عوده العلاقات مع العالم العربي اعتراف باستقرار الأوضاع في سوريا لمصلحه الحكومه هناك ،وربما يكون العام الجديد عام عوده سوريا إلى الإطار العربي رغم مراره ما كان وتباين المواقف مع معظم الدول العربيه.