انتقال الأردنيين إلى حياة جديدة، يحتاج لتعميق السياسة في نهارهم وحياتهم ولكن بشكل مؤسسي وبرامجي، ذلك لا يكون إلا بالحزبية، وهي متعثرة ومتعسرة، وحتى يكون لنقدهم ومواقفهم معنى لا بدّ لهم من التشكل في أطر سياسية، وحتى الآن لا يوجد أفضل من الحزبية البرامجية الوطنية.
البعض يرى أن لا مكان للأحزاب في المستقبل، وإنما المجال مفتوح لتأثير التيارات والمجاميع الاجتماعية بصيغة الشبكات والجمعيات أو النقابات التي تهيمن اليوم على المشهد العالمي وتشكل العامود الفقري للحركات الاحتجاجية.
لا يحب الأردنيون الاحزاب، كلهم يريدون مواقع متقدمة فيها، وفوق هذا ليس لهم صبر طويل.
التأثير المنشود للأفراد لا يتحقق بلا جماعات، والروح الجماعية قليلة عندنا، هناك نزعة فردية كبيرة.
فشلنا في انجاز اتحاد طلبة وطني عام، وفشلنا في ايجاد اتحاد عمالي مؤثر، وقيادته اليوم متوارثة، وفشلنا في تطوير عمل الجمعيات التعاونية كاتحاد المزارعين وغيرها، هناك فشل غير مفسر، وهناك رغائب قاتلة للبعض تؤدي إلى سقوط المؤسسات، والنهايات السريعة تؤدي إلى ارتباك وغياب الثقة بأي محاولة أو ولادة تجديدة.
بعض من الطبقة السياسية التي عملت بالبلد معارضة أو مولاة مصرة على الاتهامية في حال لم تكن في المقدمة، هناك اصرار على وضع الأردن في مهمات أكبر من حجمه، ودوره وامكانياته، ومع ان امكانياتنا محدودة إلا اننا رمينا بمقولة الأردن بلد رسالة.
نحن نحتاج أن نعي قيمة فشلنا المنجز، لاننا تورطنا في دور اكبر من امكانيات البلد، ولأننا لم نوفر مجالاً للنقد، ولأننا اضعفنا المؤسسات وغيبنا الحزبية لصالح البنية التقليدية لممارسة السياسة.
لا ديمقراطية بلا أحزاب، والغريب أن من أبناء اليسار وهم في السلطة اليوم يقولون بأن الحزبية فشلت، وأن دعم الاحزاب يجب ان يتغير، لا يا سادة الحزبية ممكنة إذا انتم غيرتم عقلياتكم، إذا آمنتم بالتغيير والفعل السياسي المبرمج، إذا تخليتم عن هواجس الخوف والتخويف.
لا أمل لنا ولا لأبنائنا بديمقراطية ناجزة إذا بقينا بذات العقليات، وإذا تلحفنا بالماضي والتاريخ، وإذا بقينا في خندق الخوف، فإننا سنفشل بامتياز وسنبقى متعثرين في السياسة وفي الديمقراطية.
الدستور