المعروف عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنّه عنيد، و”يركب رأسه” مصراً على قراراته مهما كانت، وهذا ما حصل منه رداً على تقليص موازنة بناء الجدار مع المكسيك، حين أوقف تمويل وزارات ووكالات حكومية، فأصبح أكثر من ٨٠٠ ألف موظف بلا عمل مؤقتاً، ودون رواتب أيضاً!
الأجهزة التي أغلقت أبوابها ليست أساسية في تأثيرها على الحياة اليومية، ولكنّها تبقى ممثلة للادارة الحكومية، وأكثر من ذلك فوقف الرواتب عن ما يقارب مليون أسرة في فترة الاعياد يعني كارثة حقيقية، ولو حدث هذا في دولة أخرى لحدثت ثورة حقيقية!
ولكنّ الأمر يحمل رمزية أخرى، هي في السؤال عن الضرورة الوجودية للكثير من أجهزة الحكومات من عدمها، ففي الوقت الذي تتوسّع فيه الحكومات والقطاع العام يرى الكثيرون أنّ الأمر مجرد زيادة أعباء على دافعي الضرائب، دون أن يعكس الأمر خدمات حقيقية، وربّما أنّ إبن القطاع الخاص دونالد ترامب يوجّه رسالة ضمنية بهذا الخصوص.
تُرى ماذا كان سيحصل عندنا لو أغلقت الحكومة أبوابها مدّة معيّنة، وأخذت إجازة بدون راتب، مستبقية على الدوائر والمؤسسات الضرورية لحياة المواطن اليومية؟ من الطبيعي أنّ الناس ستخرج إلى الشوارع لأنّ الحكومة عندنا هي أكبر دافع للرواتب، ويعيش القطاع الأوسع من المواطنين على تلك الرواتب!
المطالبة، حينها، ستكون بدفع الرواتب، ولن تُرفع شعارات بعودة عمل الدوائر والمؤسسات غير الأساسية، لأنّه سيثبت على أرض الواقع أنّها غير مؤثرة، ولن يعكس غيابها سلبيات على حياة المواطنين، وقد يكون العكس صحيحاً من حيث رفع الكثير من الأعباء عن كواهل الناس والبيروقراطية المستوطنة.
في كتاب التكليف السامي لرئيس الحكومة أكّد جلالة الملك على “جهاز حكومي رشيق وكفؤ”، وخرجت تفسيرات مختلفة حينها حول المقصود، وما إذا كان حكومة بوزارات قليلة، أو تقليص الجهاز الحكومي كلّه بدمج أو الغاء مؤسسات وادارات، وبالتأكيد عدم تسريح الموظفين ولكن بعدم أو تقليص التوظيف من جديد.
نحن نكتب على سبيل التمرين الذهني، ولا نتصوّر أنّه سيأتي يوم تُغلق فيه الحكومة أبوابها، ولكنّ قناعتنا هي في أنّه سيأتي يتم فيه اغلاق الكثير من الدوائر والمؤسسات والوزارات غير الضرورة، وللحديث بقية بالطبع!