تكلفة الأخبار الكاذبة على الدولة
د. محمد كامل القرعان
29-12-2018 11:01 AM
لماذا نعانى من غياب المعلومات فى عصر تعددت وتنوعت فيه منصات المعلومات الرسمية وتوفرها ؟ ولماذا تكثر الاخبار الكاذبة ، ولدينا كل هذا العدد من الناطقين والاعلاميين وتنوع مصادر لحصول على المعلومات الموثوقة ؟ ورغم كل ذلك تظهرمع كل أزمة أو مشكلة أوموضوع ، تبرز غياب المعلومات الحقيقية حولها ، وتضاربها، وتأكيدها وأحيانا نفيها.
وهل يحتاج الأمر الى كل هذا الجهد والعناء، وكانها حرب دائرة يقع ضحيتها المجتمع باعتباره الهدف المقصود بها ؟ اسئلة واستفسارات برسم الاجابة.
من المؤكد بانه يصعب إدارة اية قضية او ازمة او مشكلة تتعلق بحياة المجتمع ومستقبله كالاقتصاد والموازنة والصحة والتعليم دون امتلاك معلومات وبيانات حقيقة ودقيقة حول هذه القضايا؟ وهل نعرف مثلا حقيقة جوهر العفو العام ونحن بصدد تصريحات عن ضرورة توسيع مظلة العفو العام دون ادراك مخاطره أو تبعاته؟
وهل يفترض أن يعرف المواطن بكل صغيرة وكبيرة حتى نصل لمرحلة التكامل بين الحكومة وبين المجتمع ، كموازنة الدولة وحجم الانفاق وكل التفاصيل المتعلقة بالدولة داخليا وخارجيا سياسيا وثقافيا غيره ؟ وما الذى يجب أن يعرفه المواطن عن الإنتاج الزراعى والسلع الأساسية مثل الأرز والزيت والسكر والطماطم ولدواجن واللحوم حتى نجب الاشاعة ؟
إن الموضوع لا يتعلق بواقعة معينة، كأن تقدم الحكومة على انهاء خدمات وزير او مدير عام او سفير او مسؤول او لواء او رفع اسعار او فرض ضرائب، وإنما بسياق عام يفتقد القرار على العموم في الاردن الى البصيرة والإدارة وهنالك من الامثلة الكبيرة التي تعزز هذا القول .
وبالرغم من أن جهاز الدولة يعمل بشكل مستمر ويقدم أرقاما ومعلومات عن بعض تفاصيل الشأن العام اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وامنيا ، فإن حجم الاستفادة من هذه الأرقام والمعلومات يكاد يكون منعدما.
ليس صعبا على الفرد أن يعرف بدقة المعلومات والبيانات الضرورية حول مجرى الاحداث، وليست المعلومات فقط هى من حق صانع القرار، بل كيفية توظيف هذه المعلومات، وهناك قاعدة مهمة بأنه لا يمكن إدارة أمر يصعب حسابه ، فإذا أردنا تنظيم الإدارة ، فان هذا يبدو صعبا دون إعادة توزيع المهام و ضبط العمل الإداري.
توقف البعض عند واقعة بعينها يرمي الى سوء النية والتربص بالوطن, والظاهر أننا بالفعل نعاني من مشكلات فى إدارة المعلومة من جهة وفي كيفية التعامل مع الاخبار الكاذبة والاشاعة من جهة اخرى ، وفشل بعض المسؤولين فى الرد، وكيف ومعنى انتاج المعلومة ومتى يكون غير كاف خاصة أن هناك
مواسم وأوقات لعمل الاخبار الكاذبة وانتشارها بسرعة هائلة. ورأينا منذ تشكيل الحكومة الحالية أزمة غياب المعلومة واستفحال الاخبار المفبركة، بسبب.
هناك تكلفة كبيرة تدفعها الدولة لمواجهة الاخبار الكاذبة والاشاعة وتستنزف كثير من الوقت والجهد وتضيع فرص ذهبية على الدولة في مجالات واسعة مثل مجالات الاستثمار والسياحة والاستقرار.
القضية لا تتعلق فقط بقدان الثقة بالرواية الرسمية، ولكنها ظاهرة تشير إلى أن بعض المسؤولين يتم اختيارهم من دون أن يكون لدى أى منهم معلومات حول القطاع الذى يديره. ويتعامل مع كل تفاصيله.
والأهم من المعلومات هو أن يكون لدى المسؤول المبادرة والثقة، وألا ينتظر التعليمات ، وهذا أمر يتعلق بالحكومة وليس بالفرد، حيث يفترض أن تكون معلومات مراكز المعلومات، متاحة للمسؤولين والمواطنين بسهولة حتى يمكن أن تكون هناك مناقشات على مستوى المسؤولية، وليس مجرد تسديد خانات.