الاسبوع الماضي أمي كانت في تركيا تزور احدى اخواتي، عادة في زياراتها لأخي او احدى اخواتي، تجهز اخواتي او زوجة اخي (زوادة) لامي لتأخذها معها،خوفا من تأخر طائرة أو انتظار في احد المطارات،لكنها هذه المرة نسيت ان تأخذ زوادتها معها وهي عائدة من تركيا الى الاردن،وحين تذكرت في المطار قالت لا بأس ، الرحلة قصيرة وليست كرحلات الولايات المتحدة الامريكية، في مطار إسطنبول تأخرت الملكية الاردنية بالإقلاع فبقيت أمي في المطار ثمانية ساعات.
تتغير البوابة اكثر من مرة فتسير مسافات طويلة، بدأت تشعر بجفاف في حلقها واعراض تعرفها جيدا لهبوط السكر بالدم.
وقفت لتشتري ماء لتأخذ دواءها ،فأخرجت دنانير أردنية فلم يعد بحوزتها ليرات تركية او دولارات أمريكية .
رفضت البائعة العملة الاردنية، بدأ العرق يتصبب من أمي وترتجف اطرافها .
فقلت لامي:" ماما ليش ما دورتي على اَي حدا يشتريلك ماء؟ بوصله وين ما كان لو عرفت رقم تلفونه"
قالت أمي :
وهكذا فعلت وقفت بحثت عن ملامح عربية لاحد المسافرين رأت شاب في مقتبل العمر بتفاصيل سمراء ،حدثته:" خالة هاي عملة أردنية بتعرفها ،خود الي بدك ياه اعطيني بدالهم ليرات اشتري ماء"
رد الشاب الكويتي :" خالة اجلسي مكانك"
الشاب بلهفة ميز مصابها دون ان يأخذ شيء او حتى ينظر للمال ،ركض مسرعا باتجاه احد المقاهي اشترى ماء وعاد اليها، تناولت دوائها، ثم نظر لتذكرتها والشاشات في المطار ، شاهد رقم بوابة الطائرة المُحَدث، أوصلها اليه واجلسها على المقعد وقال :" خالة عيب تمدين يدك بفلوس على ولدك، ولا انا مأخذ منك شيء، توصلين بالسلامة"
ثم اخرج الشاب عشرين ليرة تركية من محفظته وضعها بيدها، ودفع بحقيبته ورحل..
فقلت:" ماما ما عرفتي اسمه بدور عليه على الفيسبوك؟"
قالت :" والله ما قال غير ولدك من الكويت، بتقدري تلاقيه اذا وصفتلك شكله ؟"
فقلت مذهولة :" ماما كيف الاقيه؟؟ بس على العموم فواتير الخير من شكر وثناء تصل لمستحقيها وما حدث معك حلقة متصلة لا تنقطع وليس لها زوايا يتوقف بها الخير، يعني ماما.. أخواتي واخي وانا بشكل او بأخر متأكدة اننا رددنا المال للشاب بصور اناس مختلفة، كما تُدين تدان ،وان لم يسترد حقه مننا، فلا حق يضيع عند خالق السماء."
في وطنا العربي شباب نفخر بهم ونعتز بأخلاقهم، لربما هذا وقت تنتشر به الأخبار بسرعة وأصبحنا فعلا بعالم صغير، ولربما قد يصل منشوري لذلك الشاب الكويتي ، جُل ما أردت قوله:" شكرًا لك بوركت ،سيصلك ثمن ما دفعت قريباً جداً لربما وصلك بالفعل من مُتاجر آخر.. استمتع بها واستمر بتجارتك .. مازلت اؤمن انها خير تجارة "..