معارضة أردنيين موظفين وسياسيين متقاعدين و”خارجيين”!
باسم سكجها
28-12-2018 09:35 PM
الموظّفون العاديون لا يمكنهم أن يصنعوا فرقاً بين الماضي والحاضر والمستقبل، بل هم مجرّد موظفين، يتعاملون مع الواقع في سبيل إطالة فترة توظيفهم، وصولاً إلى التقاعد، والطريف أنّ الغالبية الغالبة منهم عوّدونا إلى العودة للعمل العام، على شكل معارضين، مناقضين ما كان منهم من قرارات خلال عملهم.
وعلينا أن نعترف، أنّ كثيراً كثيراً من هؤلاء “الموظفين”، صغارهم وكبارهم، من الذين احتلوا مواقعهم عشرات السنوات، كانوا مجرّد تابعين للوظيفة العامة التي تتطلّب منهم متناقضات، وظلّوا ينفّذونها على طيب خاطر، بل وكانوا يدافعون عنها أمام الشاشات، والأخبار الصحافية، وفي المجالس العامة والخاصة، وأكثر من ذلك، فقد صارت أمام الناس عنوان حياتهم.
في السنوات الأخيرة، صرنا أمام ظاهرة جديدة في المجتمع الأردني عنوانها خروج الموظّف من وظيفته، لسبب أو لآخر، ومن ثمّ عودته إلى الصورة العامة من خلال المعارضة، والغريب والطريف أنّ هؤلاء يحملون شعارات تتخطى الشعارات التقليدية للمعارضة الحقيقية، وكلّ ذلك في تقديرنا من أجل إثارة الانتباه، لا أكثر ولا أقلّ.
هؤلاء لم يكونوا في يوم سياسيين، فالمعروف أنّ السياسي لا يتقاعد، ولكنّهم كانوا موظّفين منفّذين لسياسات غيرهم، ولم نسمعهم في يوم يعترضون، وكان الأولى بهم المعارضة خلال الوظيفة العامة وتحمّل النتائج، لا الظهور على المجتمع على شكل أبطال في الوقت الضائع، وهذا بصراحة صار موضع تندّر في المجتمع وعلى شكل نكات قاسية.
وهذا جانب من الصورة الأردنية العبثية، ولكنّ الغريب، أيضاً، أنّنا نتحدّث عن سياسيين كبار يتقاعدون أو يقصون عن ممناصبهم، فيذهبون إلى أقصى درجات معارضة قرارات اتخذوها هم أنفسهم، من المعاهدة مع إسرائيل وتبعاتها، إلى سياسات الخصخصة، والى غيرها ممّا صار مرفوضاً من العامة، وخصوصاً مع حراك الشارع النقي.
أمّا الصورة العبثية الجديدة، فهي في الذين أقسموا يمين الولاء لعلم غير أردني، بعد خروجهم من الأردن لسبب أو لآخر، وكانوا قد أقسموا للعلم الأردني قبله، ولكنّهم الآن يستعيدون ولاءهم لداخل الوطن، وينظّرون علينا في ما علينا أن نفعله، ولهؤلاء نقول: أعيدوا قسمك للأردن، واعتذروا عن القسم لنظام آخر، وعودوا لبلادكم، ولا نظنّ أنّ أحداً سيمنعكم، وكونوا مع الحراك من الداخل، ولا أحد يزاود علينا فنحن من الذين تعرّضوا إلى أقسى درجات الخشونة والخطر الحقيقي، ولكنّنا لم نترك بلادنا، لأنّنا عرفنا أنّ بلادنا لن تتركنا، ومع كلّ العروضات السخية من الخارج الذي نعرف أنّه لا يريد لبلادنا وعبادنا الخير.
بدأنا بالموظفين المتقاعدين الذين صاروا معارضة، وواصلنا بالسياسيين الكبار الذي لحسوا قراراتهم التاريخية السابقة وصاروا معارضين، وانتهينا بما يسمّى بمعارضة الخارج، ويبقى أنّ من لديه حساباً عليّ من كلّ هؤلاء فليبعث لي بفاتورة حقيقية لأدفعها ومع ضريبة مبيعات أيضاً، وللحديث بقية كالعادة!