الأخطاء في البنوك تقع عندما يتغول القرار غير الاقتصادي على القرار الاقتصادي والفني ، وهو ما حدث في كل القضايا التي شهدها الجهاز المصرفي على مدى تاريخه .
القضايا والتجاوزات التي حدثت في بنوك يفترض أن تكون قد رسخت القناعة بترك المؤسسات الرقابية ، مثل البنك المركزي وهيئة الأوراق المالية أن تعمل بمعزل عن تدخل أو ضغوط في قراراتها ، فهل تترك ؟.
الفترة المتبقية من هذا العام وربما العام المقبل حبلى بأنباء تدعو للحذر بالنسبة للاقتصاد ، فمن ناحية عجز الموازنة فانها الى زيادة بالنظر الى التراجع المتوقع في الايرادات لتباطؤ النشاط الاقتصادي عموما ، كما أن ذات الأيام لا تحمل أنباء جيدة للجهاز المصرفي ، فتعثر مؤسسات تجارية وشركات عن سداد القروض سيكون واضح المعالم مع دخولنا في عمق النصف الأول ، ما يعني أن ادارة البنك المركزي للجهاز المصرفي ومتابعته تقتضي يقظة وحرصا شديدين ، بمعنى أن المعالجة الفنية والاقتصادية هي ما ينبغي أن تسود وليس الرعاية السياسية لنفوذ قوي هنا أو هناك ، وهو غالبا ما يعزز اتجاهات غض الطرف عن الأخطاء على حساب درء المخاطر . صحيح أن الجهاز المصرفي محكوم بقوانين وتعليمات يكفل التزامها مسيرة صحيحة ، لكن ذلك يجب أن يكون معززا بالتزامات أخلاقية تمارسها ادارات البنوك ، مع أن أخلاقيات أي مهنة مرتبطة بالقناعة الذاتية ، التي قد تغيب في أتون التجارة وطموحات تحقيق الأرباح والفوز بمقعد في حافلة الأثرياء ، لكنها حاجة ماسة لسد ثغرة المبالغة في تعظيم شأن قوة السوق ، مع حاجة مماثلة لردع قانوني بيد ضاربة .
بقي أن نتائج البنوك مرشحة لأن تتراجع في النصف الأول وقد تأثرت بتداعيات الأزمة المالية العالمية ، وأجبرتها المخاوف وارتفاع درجة المخاطر الى التشدد في بند التسهيلات وفي الأفق بوادر تعثر في القروض ، ووجهت بأخذ مخصصات مبكرة ، ومفاوضات جدولة . هذه المؤشرات لا يمكن إنكارها فقد باتت معروفة ويتم تداولها في السوق ، لكن ذلك لا يعني أن وضع الجهاز المصرفي ليس سليما بالرغم من كل شيء وأن عليه أن يعود الى الواجهة في قيادة النشاط الاقتصادي وتحفيزه .
qadmaniisam@yahoo.com