الأردن بين داخل وخارج الصندوق!
باسم سكجها
26-12-2018 11:39 PM
ظلّ المطبخ السياسي والاقتصادي الأردني، بمكوناته المتغيّرة المتبدلة على مدار السنوات، يُنظّر علينا بأنّه سيفكّر خارج الصندوق، تنفيذاً لأوامر الملك الذي دعا إلى ذلك الأمر غير مرّة، ولكنّهم ولأسف الأسف كانوا يجتّرون الأفكار السابقة، ويحاولون إعادة انتاجها بشكل جديد، وكان مصير التنفيذ بالطبع الأدراج المغلقة والذاكرة المفقودة، ونستطيع أن نقول: الفشل غير المعلن.
وكلّ العناوين تعرفونها جميعاً، ولا لزوم لتردادها، ففي البداية كانت تخرج علينا على شكل شعارات، ويتمّ الصرف عليها من جيوبنا من أجل التنفيذ، وسرعان ما نكتشف أنّها مجرد شعارات برّاقة لا تختلف عن غيرها، وما نريد أن نتذكّره الآن، ونذكره، هو مشروع :”سكن كريم، وعيش كريم”، الذي شابه شبهات، وصار عنوان تندّر للناس.
المشاريع الوطنية لا تأتي ببراشوت من فوق، وقناعة الناس ومشاركتها هي الأصل في نجاحها، ولهذا كان الفشل الذريع في تلك المشاريع التي قد تحمل نوايا حسنة، ولكنّها ظلّت تفتقر إلى القناعة الوطنية بكونها “مشروعاً وطنياً حقيقياً”، فهي تبدأ بفكرة سريعة دون دراسة حقيقية، وتنتهي بسرعة لسبب تجاهلها من المواطنين الأردنيين.
التفكير خارج الصندوق عليه أن يكون حقيقياً، فيعطي الأفكار المنتجة بعد دراسة الواقع، والغريب أنّ واقعنا معروف، ومعترف به من الجميع، حيث “الفقر والبطالة والفساد والديمقراطية المغشوشة”، وهو واقع ينبغي التعامل معه بايجاد سبل العلاج، لا بمجرد حبّات أسبرين سرعان ما تفقد مفعولها، ولعلّها هي السبب في وجود أنواع الحراك الشبابي والشعبي من “الرابع” إلى غيره من شوارع وساحات الوطن.
تُرى هل فكّرنا، مثلاً، بتوزيع أراض زراعية مجانية بشروط واضحة وشفّافة على الشباب في مناطقهم للزراعة؟ وهل فكّرنا بتوزيع أراض صغيرة على العائلات خارج عمّان لبناء بيت العمر؟ وهل فكرنا بأنّ هاتين الفكرتين تستطيعان بعد سنوات قليلة أن تكونا حلاً للبطالة والسكن، وبالتالي بناء مصانع صغيرة أو كبيرة للمنتجات؟ وهل فكّرنا بأنّ المواطنين سيكون حينها جزءاً من مشروع نهضة وطني، وهناك بالتأكيد عشرات الأفكار المتعلقة بغير ذلك من أشكال التطوّر؟
ما نقوله ليس جديداً، فهناك من الدول الصاعدة ما فعلت ذلك الأمر ونجحت، وليس ذلك جديداً على الأردن أصلاً لأنّ هناك الكثير من المقترحات التي قُدّمت ولكنّها وجدت نفسها في طريق مُغلق لسبب العباقرة الذين يملكون قرار عرقلة وايقاف أيّ فكرة جديدة، لأنّها ستزيحهم عن مواقعهم وتُعطّل مصالحم.
وليس جديداً، أيضاً، أن نقول إنّ الأردن مليئ بالموارد الطبيعية والقدرات البشرية، وإنّه لا يفتقر إلى الأفكار الخلاّقة التي قد تحمل في ثناياها الحلول، ولكنّه للأسف مليئ أيضاً بالمثبطات والمطبّات والمصائد التي يضعها وينصبها قليلون مثّلوا مطبخاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً لأنّهم يعرفون أنّ نجاح الأردن يعني فشلهم، وهكذا ففشل الأردن يعني نجاحهم، ولا يهمّهم بالتالي نقمة وغضب الناس، ما داموا على كراسيهم، وللحديث بقية، كالعادة..