وصلت الدراسة التحليلية التي أجرتها نقابة المهندسين و أعدها المهندس خليل حياصات حول ملخص الدراسة الاكتوارية السادسة الى استنتاجات عدة مفادها ان الدراسة اعتمدت على معطيات خاطئة أدخلت في بياناتها لتصل الى نتيجة أن مؤسسة الضمان الاجتماعي ستبدأ طريق الهاوية في عام 2016.
أهم هذه البيانات التي اعتمدت عليها هذه الدراسة أن المواطن الاردني من الممكن أن يبدأ العمل و هو في سن 15 عاما و من ثم يستمر في عمله لمدة 50 عاما ليتقاعد على عمر 65 عاما. و هنا يبدأ المواطن الحصول على راتب تقاعدي مدى الحياة حتى يتوفاه الله على عمر 100 عام. و بعد ذلك يستحق ورثته راتبا تقاعديا منه و أفترضت الدراسة أن يستمر الورثة في الحصول على راتب المتوفي لمدة 15 عاما متواصلة. أي أن المنتسب سوف يعمل لمدة 50 عاما في المعدل و يتقاضى هو وورثته راتبا تقاعديا لمدة 50 عاما أخرى!!
أن التفكير في هذه البيانات و تبعاتها على التحليلات العلمية الحاسوبية ستتجه الى تراكم أعداد المتقاعدين عاما بعد عام و بدلا من أن تفترض البيانات وفاة المنتسب على عمر 70 عاما للذكور و 72 عاما للاناث بحسب بيانات دائرة الاحصاءات العامة الاردنية. أفترضتها على 100 عاما. و مما لا شك فيه بناء على هذا الخطأ أن تصل المطلوبات التقاعدية و الادارية في العام 2057 الى 21 مليار دينار سنويا بناء على هذا الخطأ.
في المقابل كانت مدخلات أرقام المنتسبين الجدد في الدراسة ألاكتوارية السادسة تفترض الاسواء بتناقص اعداد المنتسبين الجدد كل سنة و لجوء 80% الى التقاعد المبكر على عمر 45 عاما. ومع ذلك توصلت الدراسة الى نتيجة مفادها أن أيرادات المؤسسة من الايرادات التأمينية ستصل الى حوالي 7 مليارات دينار في عام 2057 .
ترى كيف كانت ستكون نتائج الدراسة الاكتوارية السادسة لو تم تزويد الخبراء بالمدخلات الحقيقية للبيانات الديموغرافية في الاردن للخمسن سنة القادمة؟ و نسمع هنا أن كل عام خطأ في بيانات العمر المفترض ستحدث خللا قيمته عامان على سنوات التوازن. أى أن ألخطأ هنا حوالي 29 عاما ( معدل حياة الذكور و الاناث) سيكون عمر المؤسسة أطول بحوالي 58 عاما عن ما وصلت اليه الدراسة الاكتوارية السادسة!
من الواضح من تقرير مؤسسة الضمان الاجتماعي للعشر سنوات الماضية بأن أعداد المنتسبين الجدد بازدياد و بأن الايرادات التأمينية هي أيضا بازدياد و ان الفوائض السنوية ما بين الايرادات التأمينية و النفقات التأمينية و الادارية معا هي أيضا بازدياد. و هنا يجب التفكير في النفقات الادارية المتصاعدة لمؤسسة الضمان الاجتماعي و التي وصلت الى 28 مليون دينار في العام 2008.
تقول الدراسات أن الاردن ما زال مقبلا في الاعوام القادمة على ما يسمى بالهبة الديموغرافية و التي ستؤدي بالتالي الى ازدياد مضطرد في أعداد المنتسبين الجدد و بالتالي ازدياد أيرادات المؤسسة بعكس مدخلات الدراسة الاكتوارية السادسة التي افترضت معدل نمو سنوي 5.5% فقط.
أن هذه المعطيات تطرح التساؤلات التالية: -
هل وضع مؤسستنا هو بالسوء الذي رسم لنا؟
هل من العدل وضع نوابنا الكرام تحت هذا الضغط الرهيب الغير مبرر؟ فإما أن يقوموا بواجبهم و يغضبوا قاعدتهم الجماهيرية أو يتسببون بإفلاس مؤسسة الضمان؟ و في الناحيتين فإن الخاسر هو النائب الكريم!
هل من العدل وضع جمهور المنتسبين تحت هذا الضغط النفسي القاسي و إخافتهم على مستقبل توفيراتهم التقاعدية؟ مما سيؤدي حتما الى زيادة أعداد طالبي التقاعد مبكرا و زيادة اعداد طالبي الهجرة و نقص أعداد المنتسبين اختياريا.
من المسؤول عن تزويد الاكتواريين بهذه المدخلات المغلوطة و ما الهدف من وراء ذلك؟
هل كانت أدارة المؤسسة و مجلس ادارتها على علم بهذه البيانات؟ فان كانت تعلم فيجب سؤالها عن الهدف من وراء ذلك و تحميلها المسؤلية و محاسبتها. أما إن كانوا لا يعملون فالاصح أن يتنحوا جميعا و يفسحوا المجال لمن هم أكفأ منهم.
بناء على ذلك يتضح مليا أن مشروع قانون الضمان الاجتماعي هو غير جاهز للتداول في مجلس النواب. و كان من الخطأ إدراجه على جدول أعمال مجلس النواب بشكله الحالي. و مكن الواضح أن الاسباب الموجبة التي استندت عليها أدارة الضمان في تأليف مشروع قانون الضمان بنيت على خطأ بين. و بما أن ما بني على خطأ هو خطأ و بالتالي أطالب دولة رئيس الوزراء بسحب مشروع قانون الضمان الاجتماعي من مجلس النواب و تشكيل هيئة مكونة من حكومة و اصحاب عمل و نقابات مهنية و عمالية و مؤسسات المجتمع المدني الاخرى لدراسة وضع المؤسسة و التحقيق في أسباب هذا الخطأ.
ghassank@go.com.go