تشهد الحياة السياسية الأردنية حراكاً سياسياً يتسم بالضبابية، وعدم الرؤيا وغياب المسارات الواضحة لشدة الغموض والتشتت، وفي المقابل هناك الأغلبية الصامتة الواعية المدركة التي حددت موقفها بهدوء؛ لأن مسارات الرؤيا تتسم بالجلاء والوضوح، وقادرة على قلب الطاولة على رؤوس المندسين بين الصفوف من أصحاب الصوت العالي من الغوغائيين الذين ينفذون أجندات شياطينهم.
فالشعب الأردني الذي يلتحم مع قيادته كالتحام الروح مع الجسد يطالب بمواقف حزبية واضحة الرؤيا والأهداف صاحبة برامج وطنية، ولا يريد فوضى خلاقة خططها وبرامجها جاهزة للتنفيذ تأتي من خارج الحدود، ولا يريد رفع شعارات كاذبة تقفز عن كل المنجزات التي تحققت، شعارات براقة وكلمة حق يراد بها باطل. الغريب أن الغوغائيين من أصحاب الصوت العالي يتصدرون المشهد، ويتحدثون باسم الغالبية الصامتة المؤمنة بالله، المزروعة في أرض الوطن، الوفية المخلصة لقيادتها، المدركة لأبعاد الفوضى.
إن الأغلبية الصامتة تعي جيداً أن ما خرج من أصوات شاذة في الاحتجاجات مؤخراً عند الدوار الرابع هو خروج عن الأطر المنطقية والعقلانية، وكذلك خروج عن العقد الاجتماعي الأزلي بين نظام هاشمي حكيم له مرجعية تاريخية وقومية ودينية، فتلك الأصوات من طغمة أضلت الطريق الصحيح، وغرر بها أصحاب أجندات شيطانية طالت رأس الدولة، الذي يجمع الأردنيون عليه بأنه صمام الأمن للأردن، وبأن القيادة الهاشمية هي صاحبة الشرعيات القومية، والتاريخية، والدستورية، والنظام الهاشمي خط أحمر يتقدم على كل الثوابت، وأبناء الوطن من الأغلبية الصامتة لن يسمحوا ولن يقبلوا لأي فرداً أو جماعة النيل من نظامهم أو وطنهم، وسيفدونهما بالمهج والأرواح.
والقاصي والداني يعلم علم اليقين أن حرية الرأي والتعبير في وطن الهواشم مصونه بموجب القانون والدستور ولكن ضمن الثوابت الأردنية المتعارف عليها، فالغالبية من المحتجين كانت تنادي بالإصلاح السياسي والاقتصادي، وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين، ومحاربة الفقر والبطالة والإقصاء والتهميش، والفساد الذي أوصلنا إلى وضع كارثي اقتصادياً، في حين خرجت فئة قليلة عن السياق، وبدأت تتطاول على رأس الدولة، والإساءة إلى منتسبي أجهزتنا الأمنية والعسكرية، وهذا ليس من شيم الأردنيين وثقافتهم، ويفتح الباب أمام المندسين لزعزعة الأمن والاستقرار، والإساءة للمحتجين، ولنا بما حصل في الدول العربية الشقيقة العبر والدروس.
ولا بد من الاعتراف بالتحديات التي تواجهنا سواء أكانت سياسية أم اقتصادية ترجع أسبابها إلى الظروف الدولية والإقليمية وغيرها، تلك التي هي بحاجة إلى قرارات حاسمة وجهود متميزة من أجهزة الدولة كافة لمعالجتها، وإن التعامل مع تلك التحديات يتطلب نفساً طويلاً وجهداً مميزاً ورجالاً من ذوي الحكمة والنزاهة القادرين على التضحية، وقد أثبت الأردن عبر مسيرته أنه بلد الإرادة والطموح من خلال التلاحم الفريد بين الشعب وقائده الذي نهض بحكمته وحنكته بالأردن نحو التقدم والتطور برغم المرحلة الصعبة التي عصفت بالمنطقة.
إننا مطالبون جميعاً بالمحافظة على أمن الوطن واستقراره، ورص الصفوف، وتعظيم الإنجازات، والالتفاف حول راية القائد الهاشمي الفذ الملك عبدالله الثاني المعظم، فالوطن مستهدف أكثر من أي وقت مضى، فلا يجوز الاستقواء على الدولة أو استثمار مشاعر الفقراء، خاصة في ظل الظروف الحرجة التي يمر بها الوطن والإقليم، وفي الوقت نفسه ترسيخ سيادة القانون والحفاظ على كرامة المواطن.
إن مُبتغى الرأي العام الأردني كان وما زال هو تحقيق العدالة الاجتماعية، والمساواة، وتكافؤ الفُرص، وتوسيع قاعدة المشاركة في صُنع القرار، وتحسين الظروف الاقتصادية والمعيشية للمواطنين، واجتثاث الفساد السياسي والمالي والإداري، وكف أيدي الفاسدين ومحاسبتهم؛ وهكذا ستكون مخرجاته الاستقرار السياسي والاقتصادي، والحياة الكريمة للمواطن؛ إذ أثبتت الأحدث أن موقف جلالة الملك عبدالله يتماهى مع موقف الشارع الأردني دوماً، فبفضل هذه القيادة الهاشمية الفذة التي نفاخر بها العالم، ووعي أبناء شعبنا الغالي، وحرفية أجهزتنا الأمنية وقواتنا المسلحة، استطعنا تجاوز العديد من المحن والتحديات، ونتطلع إلى مستقبلٍ مشرق، ومزيدٍ من التقدم والتطور في المجالات كافة، فالنظام الهاشمي خط أحمر يتقدم على كل الثوابت الأردنية.
وأسأل الله أن يحفظ هذا الحمى عزيزاً حراً عصياً على كل الحاقدين والمتآمرين بسواعد منتسبي أجهزتنا الأمنية وفرسان الحق في جهاز المخابرات العامة.