المستقلة للانتخاب تهاجم تقرير "حالة البلاد": انطباعي ويفتقر للدقة
26-12-2018 01:15 PM
عمون - رصدت الهيئة المستقلة للانتخاب تقرير"حالة البلاد" والمنشور على الموقع الإلكتروني للمجلس الاقتصادي والاجتماعي وعبر عدد من وسائل الإعلام، والذي يرى فيه المجلس على لسان رئيسه أنه يمثل "جردة حساب" داخلية للوزارات والمؤسسات الرسمية المختلفة؛ من خلال مراجعة الاستراتيجيات والسياسات والبرامج المعلنة لهذه الوزارات والمؤسسات، والوقوف على ما أنجز منها، وتشخيص ما لم يُنجز وأسبابه العامة دون الدخول في التفاصيل البعيدة."
إن الهيئة المستقلة للانتخاب وهي تثني على الجهد المبذول في التقرير لتؤكد أنها درسته باهتمام كبير بكافة تفاصيله وخصوصا " حالة التنمية السياسية والإصلاح السياسي في الأردن" والتي استخدمت – بحسب التقرير – مؤشرات سبعة وهي: المبادرات الإصلاحية وحالة الأحزاب، حالة المشاركة السياسية والمشاركة المجتمعية، حالة مشاركة الشباب في الحياة السياسية، قانون الانتخاب، حالة العمل النقابي، حالة الثقافة السياسية، والتمكين الديمقراطي.
وبناءً على دراسة الهيئة لما ورد في التقرير؛ فإنها تسجل الملاحظات التالية:
- ورد في التقرير في الصفحة رقم ( 1131 ) أن المعطيات الخاصة بالانتخابات في السنوات الأخيرة إلى " تراجع المشاركة الانتخابية بشكل مقلق سواء في انتخابات مجلس النواب والانتخابات البلدية او انتخابات مجالس المحافظات وانتخابات النقابات"
نستغرب في الهيئة المستقلة للانتخاب الوصول إلى مثل هذه النتيجة، دون إجراء أي مقارنة رقمية حقيقية ذات دلالات معيارية، خصوصا أن التقرير قد أعدّ حسبما ورد من محكمين وخبراء ومسؤولين سابقين، بلغ عددهم أكثر من (600) محكم وخبير ومسؤول دون أن يهتم أحدهم في البحث بالأرقام الحقيقية، علما أن تقارير الانتخابات منشورة على الموقع الإلكتروني للهيئة المستقلة للانتخاب.
من هنا نضع بين يديكم الحقائق الرقمية التالية :
1. بلغ عدد المقترعين في الانتخابات النيابية لعام 2016 ( 1.492.400) ناخبا وناخبة، بينما بلغ عدد المقترعين في عام 2013 ( 1.288.043) ناخبا وناخبة.
2. لم يتدارك الباحثون في التقرير أو الناشرون له الفرق بين قانون الانتخاب لعام 2012 وقانون الانتخاب لعام 2016، حيث اعتمد الأول على التسجيل الطوعي للناخبين المؤهلين بينما اعتمد الثاني على شمولية التسجيل لكل من بلغ الثامنة عشر عاما وفق سجلات دائرة الأحوال المدنية.
3. بلغ عدد المقترعين في الانتخابات البلدية ومجالس المحافظات لعام 2017 ( 1.302.949) ناخبا وناخبة، بينما شارك (919) ألف ناخب وناخبة في الانتخابات البلدية لعام 2013.
4. أما فيما يخص المشاركة الشبابية في العمليات الانتخابية، فقد شهدت الانتخابات النيابية لعام 2016 مشاركة ( 531842) ناخبا وناخبة دون سن الثلاثين عاما، وشارك في الانتخابات البلدية ومجالس المحافظات ( 431078) ناخبا دون سن الثلاثين.
من هنا، بناءً على ماورد في الحقائق الرقمية أعلاه، فإننا في الهيئة المستقلة للانتخاب نجد أن النتيجة التي وصل إليها التقرير هي نتيجة انطباعية لم تنم عن أي دراسة حقيقية أو منهجية واضحة، وأن الفريق المكلّف بإعداد هذه الجزئية يفتقر إلى المهارات البحثية.
- ورد في التقرير في الصفحة رقم (1144) أن قانون الانتخاب لعام 2016 قد منح الانتخاب لمن أتم سبع عشرة سنة، وهذا خطأ قانوني، حيث أن القانون قد منح الانتخاب لمن بلغ الثامنة عشر من عمره، والفرق بينهما كبير في الصياغة القانونية وفي انعكاسها على جداول الناخبين، علما أن سن الناخب الذي يدرج اسمه في جداول الناخبين يكون قد بلغ ثمانية عشر عاما قبل ثلاثة شهور من يوم الاقتراع.
- وجه التقرير في الصفحة رقم (1144) انتقادا لقانون الانتخاب أنه أفرز حالة من التنافس بين أعضاء القائمة الواحدة، وهنا لا بد من التوضيح أن التقرير قد غفل عن أن المقعد يمنح للقائمة وليس للشخص، بناء على عدد الأصوات التي تحصلت عليها القائمة ونسبتها من مجموع المقترعين.
- وجه التقرير انتقادا لقانون الانتخاب في الصفحة رقم (1144) على أنه لم ينص على نسبة الحسم، وهنا نتسائل عن فائدة وجودها؟ وهل حقا تعمل على تدعيم العملية السياسية أم تعمل على إبعاد الأحزاب والقوائم الناشئة الساعية إلى إثبات برنامجها وخططها؟ وهل درس الباحثون في التقرير نتائج استخدام نسبة الحسم في الانتخابات ومدى تأثيرها على الخارطة الانتخابية ودورها في هدر الأصوات؟ من هنا ندعو إلى الاطلاع على التجارب العالمية وزيادة البحث والقراءة في هذا الموضوع.
- وجه التقرير في الصفحة رقم (1145) انتقادا لقانون الانتخاب أنه " لم يوفر القانون منافذا للتمثيل الحزبي في المجلس النيابي" ، وهنا نستغرب أين منع القانون مشاركة الأحزاب والترشح عبر قوائمها وجداولها على مستوى المحافظات كافة؟ ونتساءل هل علم معدو التقرير عن قرار التفسير رقم (7) لسنة 2012 والصادر عن المجلس العالي لتفسير أحكام الدستور والذي ينص على " إن تشكيل القوائم سواء كانت قوائم حزبية أو غير حزبية أو مختلطة جائز دستوريا، وأن اشتراط الانتساب إلى حزب للترشح ضمن القائمة غير جائز دستوريا، لأن مؤداه حرمان غير المنتسبين للأحزاب من تشكيل قوائم أو المشاركة فيها، ويتعارض ذلك مع حكم المادة (75) من الدستور، علما أنه قد بلغ عدد المرشحين من الأحزاب السياسية في الانتخابات النيابية لعام 2016 (253 ) مرشحا ومرشحة ينتمون لـ (44) حزبا، أي بنسبة (20.21% ) من عدد المرشحين الكلي، فاز منهم (37) نائبا ينتمون الى (17) حزبا، أي ما نسبته ( 28%) من مجموع أعضاء مجلس النواب.
ولا بد من الإشارة هنا أيضا إلى أن هذا الانتقاد يتعارض مع ما ورد في التقرير ذاته في الصفحة (1150) والذي وجد أن عدد الأحزاب التي انخرطت في المنافسة الانتخابية ومرشحي الأحزاب والقوائم الحزبية أو المختلطة هو عدد غير مسبوق في تاريخ الانتخابات الأردنية.
- ورد في التقرير في الصفحة رقم (1152) تحت بند حالة المشاركة في الانتخابات البرلمانية أنها " شهدت الانتخابات النيابية 2016 تراجعا كبيرا في المشاركة الانتخابية"، ونعتقد في الهيئة المستقلة للانتخاب أن الأرقام الوادرة في أولى ملاحظاتنا تلغي هذه المعلومة من أساسها، راجين تدعيم هذه المعلومة بأي منهجية اتبعت.
- ورد في التقرير في الصفحة ( 1152) أن أسبابا عديدة وراء ضعف المشاركة الانتخابية ...... أبرزها ضعف المشاركة في المدن الكبيرة التي يغلب فيها كثافة السكان الأردنيين من أصول فلسطينية، والذين يعتقدون أن نظام تقسيم الدوائر الانتخابية غير عادل ...
وأننا ونحن نقرأ هذه المعلومة لنرجو من المجلس الاقتصادي والاجتماعي نشر المنهجية أونتائج الاستبيان التي أوصلته الى هذه النتيجة.
- ورد في التقرير في الصفحة رقم (1153) أنه " لم تصل المشاركة الانتخابية العامة في الانتخابات اللامركزية والانتخابات البلدية إلى الحد الأدنى للتوقعات" وهنا نتساءل أين هي هذه التوقعات؟ ومن توقعها؟ وأين هي منشورة؟ وما هو الحد الأعلى للتوقعات في هذه الحالة؟ علما أن الأرقام أعلاه تفيد بزيادة مقدارها (210357) ناخبا وناخبة بين انتخابات 2013 وانتخابات 2017
وفي الختام، فإن الهيئة المستقلة للانتخاب وهي تقدر جهد الفريق القائم على التقرير في صياغة 1590 صفحة إنشائية، لتجد أنه خلا من المنهجية الواضحة في الوصول إلى النتائج، بل استخدم انطباعات عامة لا تصل إلى الدقة، ونتمنى في التقارير القادمة الابتعاد عن اللغة الإنشائية غير المبنية على الحقائق العلمية والعملية، والابتعاد أيضا عن الانطباعات غير المدروسة، والبحث في منهجيات أوضح ومعايير أدق علها تسهم في إنجاح الفكرة العامة لوجود مثل هذه التقارير، لا سيما وأن الترويج الإعلامي الذي رافق إصدار التقرير قد يؤدي بالباحثين أو الدارسين إلى العودة له كمرجعية علمية في الوقت الذي لا يشكل التقرير بمعلوماته مرجعا علميا دقيقا.