كونترول الحافلة .. درس للسياسيين ايضا
فهد الخيطان
26-07-2009 04:11 AM
القفز من السفينة قبل ان تغرق قاعدة الانتهازيين في القيادة والادارة
في الذهن صورة غاية في السلبية عن »كونترول« الباصات ترتبط بسلوكهم وتصرفاتهم التي طالما اشتكى منها الركاب. ولم يكن لأحد ان يصدق وجود »كونترول« مستعد للتضحية بحياته من اجل انقاذ ارواح الركاب وهو الذي »يشحط« المواطن عندما يهم بالنزول او الركوب في الحافلة.
اشرف الخمايسة »كونترول« باص صويلح - الجامعة ضرب مثلا مختلفا وكسر الصورة النمطية السائدة عن اقرانه في اذهان الناس.
التضحية من اجل الآخرين قيمة كادت ان تندثر في حياتنا فما بالك اذا كانت تضحية بالنفس هروب سائق الحافلة وهي على وشك الكارثة قد لا يكون مستغربا رغم ما انطوى عليه التصرف من جبن وانانية فقد سبق لسائقين »عمومي وخصوصي« ان ارتكبوا حوادث دهس وهربوا من موقع الحادث تاركين الضحية تنزف وتموت.
كان بوسع الشاب الخمايسة ان يقفز هو الآخر من الحافلة فهو في العادة يقف عند بابها ويترك 23 شخصا يواجهون مصيرهم المحتوم, غير انه اختار مواجهة الموقف الصعب وتحمل مسؤولية انقاذ ارواح الركاب مهما كانت النتيجة.
يستحق اشرف الخمايسة التقدير على شجاعته وتضحيته لاننا بأمسّ الحاجة الى تعميم هذا النموذج في نكران الذات والتضحية من اجل الناس وعلى كل المستويات.
في عالم السياسة والسياسيين يندر ان تجد نموذجا مثل اشرف لكننا سنجد حتما الكثير من نوعية السائق الذي قفز من الحافلة. ففي عرف السياسيين الانتهازيين الشطارة هي ان تقفز من السفينة قبل ان تغرق ولا تبالي بمصير من عليها. وظهرت في بلادنا طبقة من القادة السياسيين والاقتصاديين لا تعتني بغير مصالحها الشخصية تدير المؤسسات والشركات والوزارات بتفاخر وتكبر وما ان تقع ازمة او مشكلة حتى يسارع القائد المغوار الى الهروب من »كابينة« القيادة غير عابئ بمصالح الناس وحقوقهم.
التجار الذين يضاربون على حساب صحة الناس هم من نوعية سائق الحافلة والسياسيون الذين يضحون بمصالح اوطانهم من اجل مكاسب شخصية لا يفترقون عن سائق الحافلة. المضاربون بالسوق المالي والساعون لاستغلال مناصبهم الرسمية وغيرهم هم من الفئة نفسها وسنرى الكثير منهم يهربون عندما تحين اللحظة الصعبة.
اما الشبان الشجعان مثل الخمايسة فهم الفئة القليلة وعسى ان تغلب الفئة الكثيرة كي لا نفقد السيطرة على حافلتنا الكبيرة.
fahed.khitan@alarabalyawm.net
العرب اليوم.