لماذا تنفقون هذه الملايين؟
ماهر ابو طير
26-12-2018 12:48 AM
يغيب المنطق في حياتنا السياسية، حتى وصلنا الى مرحلة يتم فيها تمويل الأحزاب من خزينة مال الأردنيين الذين ينفضون عن الأحزاب أساسا في غالبيتهم.
مبلغ الخمسين الف دينار الذي يتم منحه لكل حزب، مجرد خسارة، اذ كيف يعقل في الأساس ان تمول الحكومة حزبا يعارضها، فهذه لاتراها في اعرق الديموقراطيات، ولا في اسوأها؟!.
هذا فوق ان ان تمويل الأحزاب الموالية للحكومات، يحمل ذات الاثم السياسي، باعتبار ان التصفيق هنا مدفوع الثمن مسبقا.
تبريرات الحكومات المتتالية، لدفع ملايين الدنانير من الخزينة للأحزاب، تبريرات واهية، وايا كان الكلام عن التنمية السياسية، والتنمية الحزبية، والتشجيع على العمل الحزبي، فهو كلام لايصمد امام المشهد من زاوية أخرى، فنحن امام أحزاب تقبض المال، من الحكومات، ثم يصير مطلوبا منها ان تعارض على استحياء، او تصفق بحرارة.
وزير الدولة للشؤون البرلمانية والسياسية موسى المعايطة تحدث في مقابلة له عن ضرورة تغيير شكل التمويل، بعد ان ثبت ان الأحزاب لم تستغل التمويل بشكل صحيح، ولربما الوزير الفاضل يدرك قبل غيره، ان اغلب الأحزاب مجرد واجهات شخصية، لاشخاص او مجموعات، وهي أحزاب لاتنفق دينارا واحدا على تشجيع العمل السياسي، او تنمية العمل الحزبي، وكل انفاقها للمال، يجري بطرق تتجاوز الأهداف التي تعلن الحكومات انها تراها وراء عملية التمويل.
هذه أحزاب تقبض المال، واغلبها مصاب بالكساح السياسي، ولايمكن لاغلبها ان ينهض بتمويل او دون تمويل، ولهذا على الحكومة الحالية، ان توفر المال المدفوع للأحزاب، وان تخصص هذه المبالغ لاي غايات أخرى، اقلها لتعليم طلبة الجامعات، او تعزيز حياة الايتام، او حتى لقضايا البيئة.
اذا أوقفت الحكومة الحالية تمويل الأحزاب، بتعديل قانوني عبر البرلمان، فلا شيء سوف يتغير، بل سنشهد انهيار كثير من هذه « الواجهات» غير المنتجة وطنيا وسياسيا، ولتبقى فقط الأحزاب المؤهلة لان تبقى، خصوصا، اننا نرى بأم اعيننا ان الكثرة تتساوى مع القلة، حين يكون نشاط اغلب هذه الأحزاب مجرد استئجار مقار، وإصدار بيانات، والسعي في حالات كثيرة لوجاهة شخصية، ليس اكثر.
نريد رقما رسميا من وزارة الداخلية، حول مجموع المبالغ المالية التي تم دفعها للأحزاب منذ بدأت عملية الدفع، وكيف يمكن ان نواصل الضحك على ذقون بعضنا البعض، بوجود أحزاب تقبض من وزارة الداخلية، ونفترض منها في الوقت نفسه، ممارسات سياسية، تنتقد الداخلية مثلا، او غيرها من وزارات.
اما اذا قالت الأحزاب ان هذا مال الشعب، وليس مال الداخلية، فهذا رد أسوأ، لان الحزبية في الأردن، لاحضور لها، ولااعتقد ان الغالبية العظمى من المواطنين، تريد صرف أموالها على تمويل الأحزاب لاعتبارات كثيرة.
لقد آن الأوان ان نعترف ان الأحزاب في الأردن، وفي غالبيتها مجرد ديكور سياسي، في الداخل وامام الخارج، ومن المعيب حقا، ان نشرعن قبض المال من وزارة الداخلية، بقانون وتعديلاته، ثم ننتظر عملا حزبيا فاعلا، سواء معارضة، او موالاة، إضافة الى ان وقف التمويل، مهم لخزينة تصرخ ليل نهار، من قلة المال.
الدستور