الجَرِيمَة الإرهابية البشعة الَّتِي حصلت فِي الـمَغْرِب وَذَهَبَ ضحيتها فتاتان أروبيتان بريئتان تدل عَلَى أن من قام بِهَا لا يَمْتَلِك عَقلًا، ولا يُمْكِنُ أن تَكُون لَدَيْهِ ذرة من الإنسانية، وَهَذِهِ الجَرِيمَة وإن كانَت طعنة مُؤلِمَة للضحيتين، وأهلهما، وبلديهما، فإنها كَذلِكَ طعنة أكبر لكل العرب والمسلمين فِي العالم، لأنَّ تبعاتها لَنْ تَكُون سلبية عَلَى القَتَلَة المجرمين فَقَطْ، بَلْ وسيتم إلحاقها ظلمًا بكثير من العرب والمسلمين الأبرياء الَّذِينَ يكرهون القتل، وَالعُنْف، وَالإرهاب، وَلَكِن بَعْض وَسَائل الإعلام الغربي والشرقي لا تفرق ما بَيْنَ مُسالِم، وَمُجْرِم فِي بَعْض الأحيان.
يَجِبُ عَلينا جميعًا أن نبحث أكثر عَن الأسباب الَّتِي تجعل شَبابًا فِي مقتبل العمر يُفَكِّرون بالقتل بِهَذِهِ الطَّرِيقَة البشعة، وما هِيَ الظروف الاجتماعية والاقتصادية وَالثَّقافِيَّة والدينية الَّتِي تجعلهم يقترفون مثل هَذِهِ الجرائم، ومِن الـمُهِم أن نعمل عَلَى تحصين مُجْتَمَعاتِنا من هَذَا الفكر الضال الَّذِي آذى البشرية كلها، وَجَعَل صُورة العربي والمسلم فِي مهب الريح فِي المجتمعات كلها.
واهم من يعتقد أنه يخدم الإسلام بالعنف، والقتل، وسفك الدماء، فالإسلام لا يحض عَلَى ذلِكَ، والمسلمون مثلهم مثل شعوب الأرض يحبون الْحَياة، ويعملون من أجل تحسين أوضاع مجتمعاتهم من أجل أن تصل إلى مرحلة من الإنتاجية الفكرية والاقتصادية وَالعِلْميِّة.
وعَلينا الاعتراف أن هُنَاكَ إشكالية بِبَعْضِ النصوص التراثية الَّتِي صُححت فِي غفلة من العُلَمَاء المفكرين الأجلاء، ورغم أنها تُخَالِف الروح العامَة للإسلام، فإنها انتشرت بَيْنَ مَجْمُوعَة من المتطرفين الَّذِي اتكأوا عَلَيْهَا فِي تبرير أعمالهم الوحشية، وَمَع ذلِكَ فإنه لا بُدَّ من دراسة الأمر لِلوُصُولِ إلى طَرِيقَة لتنقية التراث مِمَّا علق بِهِ مَع مُرور الوَقْت من أفهام شاذة تؤدي مَع الظروف البائسة الَّتِي يَعِيْش فِيهِا بَعْض الشباب فِي توجيههم إلى العُنْف وَالإرهاب.
المراجعات الفكرية، والفقهية، والمجتمعية، من قبل علماء الدين، والمراجعات السياسية، والاقتصادية والاجتماعية للدول والحكومات قَدْ تؤدي إذا وضعت ونفذت بإرادة حقيقية إلى وضع خارطة طَرِيق لإزالة الظلم، والتهميش، وسوء توزيع الثروة، ووقتها فإن البيئة الخصبة للتطرف ستزول للأبد.
ما حَصَلَ مَع الفتاتين النرويجية، والدنماركية بشع بالمقاييس كلها، وَهُما بريئتان ذهبتا ضحية حمق، وغباء، لقتلة لا يمتلكون الحد الأدنى من الإنسانية، وتحالفت عقليتهم الإجرامية مَع فهم أعوج لِلْدينِ، وَربَّمَا كانَت هُنَاكَ جهات مُعَيَّنَة توجههم لأغراض غير بريئة، وتقف وَرَاء بَعْض التنظيمات الإرهابية لتحقيق أهداف مُعَيَّنَة، وَعَلَى الأحوال جَمِيعهَا نعلن تضامننا مَع أهل الضحيتين، وحزننا الشَّديد لما حَصَلَ.
Mrajaby1971@gmail.com