المطلوب تأصيل الوجود لا استئصاله ، والوحدة مشروطة بالعودة كما هو الاصل
عمر كلاب
26-07-2009 12:27 AM
عمون - كتب - عمر كلاب : ربما من سوء الطالع ان يتساوق ما اكتبه مع مواقف اشخاص ومواقع ذهبت بعيدا في رغبتها القطرية واحلامها الاقليمية , تحت لافتة الحرص الوطني والقومي , وربما من سوء الطالع ايضا ان يدفعني للكتابة زملاء لا اشكك في نقاء سريرتهم الاردنية والفلسطسنية واخرون ينظرون الى ما سأكتبه من باب الاصل والمنبت وبالتالي يتحقق شرط الوحدة الوطنية في الدفاع عن ما يسمى ملف سحب الجنسية , خاصة وانني كاردني من غزة لا احمل شبهة الاخضر والاصفر وبالتالي يكون ما اكتبه خال من المصلحة ومن الكروت والوانها باستثناء كرت المؤن الذي يثبت انني لاجئ وهو لقب على شدة ايذاءه النفسي الا انني معني بديمومته الى ان يتحقق شرطي العودة والتعويض بالتلازم وارى من الضرورة الوطنية الاردنية ان تبقى هذه الصفة واضحة وقائمة .
يقول المكتوب من التاريخ في العلاقة بين الاردن وفلسطين غير المحكي منه والمتوارث , بخصوص الدور الرسمي , ويقول المكتوب داخل الاردن عكس المكتوب خارجه وأظنني من المحظوظين ممن اطلعوا على الجهتين ولذا وجبت الشهادة التي لا يكتمها الا اثم في هذا المفصل الوطني الشديد التعقيد والذي يتطلب رؤيا واضحة .
فالفلسطيني سيق الى الوحدة بالسلاسل , والاردني استقبل اللاجئ على المستوى الرسمي بتصورات الحجم والدور وان كان الشعبي قد استقبله بالمعني الفقهي والاخوي " مهاجرين وانصار " وهذه لازمة لا بد منها كي ندخل الى اصل الوحدة وفلسفتها وكيف استيقظ الفلسطيني ذات صباح على وقع اللجوء اولا وعلى حلم الوحدة ثانيا وهي وحدة على وعد العودة بدليل ان مفاتيح الابواب وكواشين الطابو لما تزل في الصدور وفي الصناديق .
واجهضت حكومة عموم فلسطين , وعاد عبد المنعم الرفاعي الى بيته من الامم المتحدة عام 1962 لانه طالب بمقعد لفلسطين على غرار مقعد اسرائيل كما يقول المرحوم نفسه في كتابه امواج الصادر عن وزارة الثقافة .
وقد نمى في السر بين الفلسطيني والاردن علاقة من نوع خاص مبنية على القلق والحاجة وعلى الدور والضرورة و الوظيفة , فبدأت المقاومة الفلسطينية تتحسس من الدور الاردني يشاطرها التحسس الحركة الوطنية الاردنية والى ما قبل العام 1970 كان عدد الامناء العامون لفصائل المقاومة من الاردنيين ينوف عن عدد رفاقهم من الفلسطينين , وكانت المظلة الجامعة انذاك حلم التحرير خاصة بعد نكسة حزيران التي عمقّت مفهوم الوحدة بمسها الكرامة الوطنية والوجدان فقد احتلت الضفة الغربية بوصفها ارض اردنية فأنتقل الاردني نضاليا من مفهوم النصرة الى مفهوم الشراكة في الدفاع عن الشرف القومي والوطني وبات الموقف الرسمي الاردني مجابها داخليا وعربيا وقد عبر الشهيد غسان كنفاني عن ذلك المشهد في روايته عائد الى حيفا بدقة عندما قال الاب لابنه الذي ينوي الالتحاق بالمقاومة " عليك اولا ان تتسلل الى الاردن " .
استمر الحال على ذلك الى ايلول من العام 1970 وخروج منظمة التحرير وفصائلها من الاردن واختلفت الاطراف حول لون ايلول كما هي حال الالوان الان في البطاقات الخضراء والصفراء بين الاسود والابيض , ودخلت الفصائل والتنظيمات مرحلة العمل السري في الاردن من خلال منظمات في الاردن " فتح اقليم الاردن , منظمة الجبهة الشعبية في الاردن ومنظمة الجبهة الديمقراطية في الاردن " مجد " "
وظلت المنظمتان اليساريتان ترفعان شعارا ثنائيا " * من اجل اردن وطني ديمقراطي * من اجل تحرير فلسطين , ثم قامت الجبهة الديمقراطية باسقاط تحرير فلسطين من شعارها وابقت اردن وطني ديمقراطي بعد 1988 اي بعد فك الارتباط مبررة ذلك بأن اردن وطني ديمقراطي يعني تحرير فلسطين وفشل اقتراح مماثل في الشعبية التي ابقت تلازم الشعارين كل ذلك الى ما قبل هبة نيسان التي شرخت المعادلة واوضحت ان ثمة ما يحاك تحت جناح الليل , فخلال هبة نيسان اقترحت كاتب هذا المقال ان تنضم المخيمات الى الهبّة وهنا استشهد بالرفاق " ضرغام هلسة , كايد الشايب والفنان غنام غنام " فقوبل الامر بالرفض وتم تخفيض مرتبتي الحزبية لانني قمت بتوزيع منشور في مخيم النصر يطالب اهل المخيم بنصرة الانتفاضة في الجنوب , واكتشفنا لاحقا ان ثمة لقاء جرى في دائرة المخابرات العامة بين المدير ومدراء تلك الجبهات والمنظمات وان الحزبيين اتفقوا على التزام الشارع الفلسطيني بالصمت , واظن ان تلك الفترة حملت بذور توافق بين الطرفين على ان الفصل قد تم وان فك الارتباط وقع فعليا بمباركة التيارات الفلسطينية التي كانت قد رقصت حتى الصبح ليلة 31 -7 - 1988 بمناسبة القرار واعتبرته خلاصا من سياسة الالحاق الاردني .
واستمر تعريف قرار فك الارتباط عند الفصائل الفلسطينية وانصارها بوصفه اول نصر للانتفاضة المباركة ولا ابالغ ان قلت ان ثمة قلة قليلة عارضته في السياق الوطني وان عارضته في السلوك الاجرائي وفي الجانب المعاشي والوظيفي وانحسر بعدها دور اللاجئ وبقي مواطنا معلقا على شرط والمس شخصيا ان اللاجئ ترك لجماعة الاخوان المسلمين كي يعبروا عنه ساسيا ووطنيا فلم يكن يعبر عنه سواهم بوصفهم يطالبون بتحرير فلسطين من البحر الى النهر وبات هذا الشعار مدعاة للتندر في اوساط اليساريين بمن فيهم اليسار الاردني باحزابه وتلاوينه المختلفة بعد ان اجمعت الفصائل الرئيسة " فتح , شعبية , ديمقراطية " على تبني الحل المرحلي " دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967 "وكان اعلان الاستقلال دليلا نهائيا وواضحا على القبول بالمرحلية ومنتجا ثانيا لبركات قرار فك الارتباط حيث صدر اعلان الاستقلال في 15 – 11 – 1988 ولولا فك الارتباط لما صدر وكان مثار فخر لجميع الفلسطينيين والعرب على اختلاف جنسياتهم .
وللتوضيح حول منسوب الشعور بالنصر حيال قرار فك الارتباط اعيد مقولة شهيرة في الوسط السياسي الفلسطيني " اسرائيل تريد فلسطين ارضا من غير شعب والاردن يريدها ارضا وشعبا " وثمة وثائق تقول ان هذا احد ابرز اسرار ايلول الثقافة لا الشهر .
وبعد قرار فك الارتباط وعودة الحياة الديمقراطية الى الاردن نمت على حواف العلاقة الاردنية الفلسطينية مشروعا وطنيا صادقا وصل به التفكير في انتخابات 1989 الى ان يتم دعم مرشحي الحركة الوطنية الاردنية من قبل الصوت الفلسطيني دون ان يخوض الاردني من اصل فلسطيني هذه الانتخابات لكن وقاتل الله لكن فشل المشروع .
ومع ذلك استمر المسار صائبا الى ما بعد ولادة السلطة الوطنية الفلسطينية التي كانت في الافق دولة فلسطينية لكل الفلسطينيين كما قال بيان الاستقلال وارتفع الحس والامل الوطني عند الفلسطيني الى ان تعثرت العملية السلمية بفعل الضعف العربي الذي صار السلام بالنسبة له هدفا لا وسيلة يمكن استبدالها .
وغاب حلم الدولة الوطنية فارتد الفلسطيني الى المعاشي حتى لا يخسر كل ما لديه ومن هنا كان الاصرار على الجنسية الاردنية والانغماس فيها وتحالف ذلك كله مع تضييق على الفلسطيني في المطارات والحدود العربية الى الحد الذي دفع بالاستاذ طاهر العدوان الى التساؤل عن سر معاملة الفلسطيني في المطارات والحدود العربية كمهرب مخدرات واظن ان الاجابة الان واضحة وثمة خشية ان ينتصر المعاشي على الوطني اذا ما استمر سوء الحال الفلسطيني والعربي ولولا خشية لقلت ان انصار الاندماج الكامل واسقاط صفة اللجوء لصالح المواطنة الكاملة قد استقر في وجدانهم الهزيمة وسهولة العيش دون استعداد لدفع ثمن الوطن واستحقاقاته حتى لو كان كرتا اخضرا .
لن اخوض في تفاصيل الحالة الراهنة من حيث صراع الاخضر والاصفر من البطاقات فهي توضحت الان ولم تعد ادارتها في غرف مغلقة او مستعصية الدخول ولا يجوز ان يسمح احد لفلسطيني ان يتنازل عن حقه في العودة او في لم الشمل واظن ان ميزتنا النسبية في الاردن من حيث استثمار الوقت وتسويفه ما زال ممكنا ولا ضرورة للاستماع او التفكير تحت مطارق ازمة محترفي الندب الوطني فالوضع القائم مثالي في ظل هكذا ظروف واذا ما قرر الاردن اعلاء الهوية الفلسطينية فسنكون كلنا معه فنحن ما زلنا في حالة صراع مع عدو صهيوني وسيستمر الصراع وجوديا معه ولن يبقي هذا الصراع فيه بقية من امل الا الهوية الفلسطينية ورفعها عاليا امام الكيان الغاصب فإذا كانت الظروف لا تؤهلنا لاسترداد ارضنا فلا يعني هذا ان نقوم بالتنازل عنها في دائرة الاراضي العالمية المسماة الامم المتحدة وللحديث بقية .