منع اعلانات التهاني : الحكومة تقرر الوقوف ضدّ التخلف
جميل النمري
25-07-2009 09:21 PM
تدحرجت اعلانات التهاني والمباركة والتأييد بتعيين سمو الأمير حسين وليا للعهد لتتحول الى حملة كبرى لم نكن نتوقعها ! باعتبار أن القرار هو تحصيل حاصل دستوريا، لكن الحملة الاعلانية الواسعة ضخمت المغزى السياسي للحدث وكأنه خيار استثنائي وانقلاب سياسي يحتاج الى تجديد الشرعية والتأييد الشعبي و الولاء للنظام السياسي.
وليس ضروريا أن تكون اغلب الاعلانات قد تمت بايعاز فمجرد خروج بعض الشركات الى نشر اعلانات سوف يبادر آخرون الا الاقتداء وفي النهاية يصبح عدم وضع اعلان هو تقصير أو موقف سلبي، وكذا الحال في القطاع العام ثم حدث ولا حرج عن استعداد كل مدير صغير أو كبير أن يتصدر اسم عطوفته اعلانات ضخمة لدائرته أو مؤسسته على حساب المال العام ، وهو ما يتكرر في كل مناسبة وطنية، وهات فسّر معنى أن تضع مؤسسه حكومية اعلان تهنئة تجاري في كل مناسبة عامّة !!
الحكومة قررت وضع حدّ لهذا واصدر رئيس الوزراء تعميما لكل الدوائر والمؤسسات يحضر عليها وضع اعلانات تهنئة بالمناسبات العامّة أو اعلانات تعزية. نعم اعلانات التعزية ايضا فقد درج المدراء والمسؤولون بوضع اعلانات تعزية على حساب الخزينة بوفاة افراد من مؤسستهم أو حتّى شخصيات من خارج المؤسسة. ويمكن ان نتفهم بادرة أي مؤسسة تجاه ذوي المتوفى من ابنائها، لكن ما هي الضوابط والأسس لذلك؟! وعلى كل حال يمكن ارسال خبر تنشره الصحف عن التهاني والتعازي وليس اعلانات مدفوعة من المال العام.
اعلان رئيس الوزراء أعاد التذكير بتعميم سابق صدر في 10-7-2005 بنفس المضمون، وهذا يعني أن هناك من يريدون بتصميم ابقاء التخلف في ادارة الحكم وفي المجتمع بل تعميقه وتعميمه ولعلهم يراوغون أولا بتجاهل القرار في مناسبة أو اخرى ذات اهمية خاصّة لتلفت الأمور بعد ذلك.
ونتوقع منذ الآن أن تتابع هذه الحكومة واية حكومة قادمة بصرامة هذا القرار وكذلك من جانب ديوان المحاسبة المسؤول عن الرقابة على استخدام المال العام ، ومن واجب الاعلام ومؤسسات المجتمع المدني متابعة هذا الالتزام والتنبيه للتجاوزات على سلوك يجب ان يصبح جزءا من الأعراف الراسخة، فليس معقولا لدولة مستقرّة تواكب الحداثة أن تسترجع اساليب تنتمي الى زمن وبيئة وواقع لا علاقة له بالعصر الذي نعيش ، ولعل هناك تفاوتا في العقليات ومستوى التطور لكن يجب أن لا نسمح للتخلف ان يستقوي على الأغلبية في الدولة والمجتمع .
كنّا كتبنا سابقا في هذا ولعلنا تحدثنا عن قصّة المرحوم الحسين مع مبادرة لوضع "تمثال" نصفي له في حديقة رئاسة الوزراء فبادر لقبرها في المهد وقال لمن سأله أين نذهب به قال أعيروه لدولة شقيقة تضع عليه رأسا آخر، ونحن لا نريد أن نكون مثل دول اخرى شقيقة أو غير شقيقة ليس بشأن التماثيل فقط بل ايضا الصور الضخمة التي تملا الشوارع والساحات.
في الدول الحديثة تحتل صورة الملك أو الرئيس مكانها بوقار في صدر المؤسسات العامّة كرمز للشرعية والمسؤولية والمؤسسية ونحن يمكن أن نزيد على ذلك قليلا لكن باعتدال يبقي نفس المعاني المحببة، لكن حالما يزيد الأمر عن حدّه ينقلب الى ضدّه ، وبالفعل فان الكثير من الظواهر هي من النوع الزائد عن الحدّ والفائض عن الحاجة أي الذي يضرّ ويحتاج الى قرار مثل الذي صدر عن رئيس الوزراء