بناء القدرات الوطنية في مواجهة التغير المناخي
د. عمر علي الخشمان
24-12-2018 12:35 PM
مع زيادة التطور العلمي والتكنولوجي الهائل في عملية التنبؤ في حالة الطقس واالتنبؤ في الكوارث الطبيعية من خلال تقنية الاستشعار عن بعد وانظمة المعلومات الجغرافية التي تساعد على القدرة على التنبؤ بحدوث كوارث طبيعية والفيضانات والجفاف والتي يتم التنبؤ عنها باستخدام اجهزة الانذار المبكر عبر الاقمار الصناعية واجهزة المراقبة الارضية.
امام ذلك فقد سعت كثير من دول العالم الى الاخذ باجراءات وقائية مؤسسية منظمة وعلمية وجاهزية عالية لتخفيف اضرار الكوارث الطبيعية وتخفيف معاناة المواطنين وحماية الارواح والممتلكات مثل محطات ضخ المياة والطاقة وتوليد الكهرباء والوقود, ولعل التغيرات المناخية تفرض الان على الكثير من الدول ان تراجع سياستها في ادارة الكوارث وان تقوم بوضع خطط استراتيجية وتنفيذية وذلك بعد قيامها باجراءات الدراسات اللازمة مثل دراسات تقييم الاثر البيئي واجراءات وقائية يجب ان تكون بالمستوى العالي والمناسب مع وضع قوانين ومتطلبات ادارة الكوارث والازمات المعتمدة عالميا من خلال التنبؤ المسبق في مسببات الكوارث واهمها مسببات الفيضانات وجاهزية قنوات التصريف المناسبة لمواجهة الفيضانات وازدياد كميات المياه الكبيرة ومعرفة مجاري المياه الطبيعية وعدم اعاقتها والعمل على صيانتها بشكل دوري وذلك لان الكثير من قنوات التصريف الحالية من حيث التصميم والتصريف والكفاءة العملية غير مناسبة لمواجهة فيضانات صغيرة فكيف اذا تعرضت المنطقة الى فيضانات كبيرة كذلك يجب فصل مياة الامطار عن شبكة التصريف الصحي وذلك عبر تصريف المياة في قنوات مياة الامطار وانفاق تحت ارضية قادرة على سحب المياة وتصريفها الى اماكن بعيدة خارج المناطق السكنية وتخزينها في سدود تكون هذة السدود على اطراف المدن لمنع تدفق المياة باتجاة المناطق السكنية في المدن والقرى. كما يجب دراسة تضاريس المدن الاردنية واماكن المنحدرات وتحديد قيمة الانحدار ونسبة الميلان مما يتطلب مراعاة خاصة لانظمة تصريف مياة الامطار خصوصا في المناطق المنخفضة وعند التقاء الاودية, بعض مناطق العالم اليوم تشهد فيضانات كبيرة تساقط امطار شديدة في فترة زمنية قصيرة التي تسمى بالفيضانات المناخية (Flash Floods) على سبيل المثال سببت الفيضانات في الصين عام 1931في قتل 4 مليون شخص بعد فيضان النهر الاصفر اثر تدفق المياه نحو النهر في الربيع بعد ذوبان الثلوج وقبل فترة في الاردن كانت فاجعة البحر الميت والتي راح ضحيتها 21 شهيدا وكذلك شهيدة في ماعين وثلاث شهداء في الضبعة وتعرضت مدينة البتراء الى فيضانات عنيفة.
ان بناء القدرات الوطنية في مواجهة التغير المناخي امر هام وهذا يتطلب توفر كفاءات وطنية ومتخصصة في ادارة الكوارث والازمات لوضع خطط شاملة للمدن الاردنية لمواجهة كوارث الفيضانات وتتمثل بالتنبؤ بحاله الطقس ومعرفة المناخ بصورة دقيقة والقدرة المحلية على مواجهة الكوارث وادارة الازمات وتتمثل في حوكمة الحد من مخاطر الكوارث, بناء القدرات الوطنية وتدريبها وبناء قاعدة معلومات وطنية تشمل وضع خطط للمدن الاردنية لمواجهة الكوارث الطبيعية ,التنسيق بين مؤسسات الدولة المعنية ووضع القوانين وتنوير وتزويد المواطنين بالمعرفة العلمية الدقيقة والصحيحة وذلك لاتخاذ نهج تشاركي شامل تتمثل في ادماج القطاع الخاص بالقطاع العام ومؤسسات المجتمع المدني والبلديات والمجالس المحلية والبلدية واعتماد الحماية الاجتماعية وشبكات الامان الاجتماعي كنهج وطني لتخفيف المخاطر بجميع انواعها, التركيز على البنية التحتية والتوسع العمراني والتاكيد من ضمان ان المدن والبنية التحتية للاسكان والطرق والجسور وغيرها من الاعمال المدنية ا اصبحت اكثر مقاومة للفيضانات والمخاطر, تدريب وبناء قدرات المهندسين والفنيين المتخصصين وتوعية ثقافة وطنية وهي ثقافة الوقاية من الكوارث تتمثل في استثمار الحكومة في الخدمة الاجتماعية الاساسية واجراء تقييم للمخاطر وربطها بالخسائر التي حصلت سابقا لتسهيل وضع اجراءات الاستجابة وتخفيف الاثار ووضع الحلول المناسبة, دور الجامعات كبير في مواجهة الكوارث واداراتها وفاعليتها تتمثل في خلق جيل واع حول مفهوم التغير المناخي وما يرتبط به من تاثيرات على العناصر الاجتماعية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية اضافة الى تطوير مهارات الطلبة في وضع حلول عملية للحد من هذة المخاطر وتعزيز دور الاندية الطلابية وبرامج الاندية البيئية المرتبطة بالجامعات والمدارس لتعميم فكرة ثقافة الوقاية والحد من المخاطر.