في الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة
د. عزت جرادات
24-12-2018 09:38 AM
- هل تمتلك الولايات المتحدة الأمريكية الإستراتيجية الخطأ تجاه الشرق الأوسط؟ وهل هي مدعوة لتنهي محاولاتها لحل قضايا المنطقة
- كان هذا عنوان الاستطلاع الفكري السياسي الذي طرحته مجلة (فورن افيرز) الأمريكية في عددها القادم لشهري (كانون الثاني/ شباط2019 ) على (32) اثنين وثلاثين خبيراً ينتمون إلى عدد من المؤسسات مثل مجلس العلاقات الأمريكية ومعهد بردكنجز ومؤسسة راند ومدرسة لندن للاقتصاد وهارفارد الخ .
- وبمقياس من خمس درجات وافق اثنان , ووافق بشدة إحدى عشر, ولم يوافق عشرة خبراء فيما لم يوافق بشدة ستة خبراء وكان هناك ثلاثة على الحياد .
- أما الذين عارضوا التخلي عن المحاولة, فقد أكدوا أهمية استمرار هذا الدور لحماية الأمن القومي من أخطار الإرهاب, وللدفاع عن المصالح النفطية في المنطقة, وحرصها على قيم الحرية وحقوق الإنسان . واعتبر قسم منهم انه لا يمكن إن تكون الولايات المتحدة الأمريكية لاعباً متفرجاً في منطقة أوجدت فيها واقعاً مريراً, ويحتم عليها ذلك الواقع وضع إستراتيجية لحل المشكلات التي أوجدتها .
- وذهب بعض المعارضين لإنهاء الدور الأمريكي في المنطقة إلى أن المنطقة حيوية للمصالح الأمريكية وبخاصة الدفاع عن إسرائيل وحمايتها, وان باستطاعتها إيجاد حلول لبعضها على اقل تقدير والتي تعتبرها أساسية لمصالحها, وأن بإمكانها الإسهام باعتبارها القوة الرئيسية الدولية, في دعم مشاريع الإصلاح والتنمية وان لا تنطلق من مبدأ الأنانية الأمريكية .
- وأما الآراء التي وافقت على إنهاء الدور الأمريكية فانطلقت من الإخفاق التام لتجاربها وتدخلها في بعض دول المنطقة والتي أصبحت أكثر سوءاً وتعقيداً. كما فشلت في حل المشكلات العميقة والأزمات المتتالية في المنطقة لدوافع سياسية ومصالح اقتصادية وايدولوجية . وذهب بعضهم إلى القول انه ليس بالضرورة أن تكون حلول مشكلات المنطقة حلولا أمريكية ... إلا إذا اعتمدت إستراتيجية ذات أولويات واضحة, ومصالح متبادلة ومعايير متوازنة وأن تدرك الولايات المتحدة الأمريكية أن مصالحها في المنطقة تتطلب الاستقرار والتنمية والدعم الاقتصادي .
- وأما المحايدون فقد رأوا أن انغماس الولايات المتحدة الأمريكية في قضاياها السياسية والاقتصادية والعسكرية يحول دون تمكنها من انتهاج حلول جادة في المنطقة .
- وينتهي الاستطلاع الفكري إلى القول بأن الولايات المتحدة الأمريكية يمكن أن تكون عاملا قويا في حل قضايا المنطقة إذا ما انطلقت من ثلاثة مؤشرات :
• تغيير سياساتها وأسلوب تفكيرها في التعامل مع مختلف دول المنطقة فسجلها مثقل بالقضايا الناتجة عن تدخلاتها .
• تغيير المساعي الدبلوماسية لتكون ذات مصداقية وفعالية, فقد فشلت أساليبها الأخرى, وبخاصة استخدام القوة والغزو .
• تغيير النهج في التعامل مع مختلف دول المنطقة بميزان الاعتدال والمصالح المشتركة وتجنب السياسات التي تزيد المنطقة اضطرابا وتعقيدا وسوءاً .
- وأخيرا يتضح أن آراء هؤلاء الخبراء المعارضين منهم والمؤيدين والمحايدين تمثل انحيازاً للسياسة الأمريكية لتصويب مساراتها لخدمة المصالح الأمريكية بالدرجة الأولى, وليست ادعاءات حماية حقوق الإنسان أو دعم التنمية في المنطقة سوى (تحليه للدواء المر) .
- فهل تستطيع دول المنطقة نفسها إن تعيد النظر في سياساتها مع الولايات المتحدة الأمريكية بميزان المصالح المشتركة وليس بالتبعية وبخاصة أنها تتمتع بمقومات جيوسياسية واقتصادية .