هتافات ومطالب الشارع بين الممكن وغير الممكن /٣
اللواء المتقاعد مروان العمد
24-12-2018 02:39 AM
واستكمالاً لحديثي عن المطالب التي انطلقت في الأسابيع الماضية من المعتصمين في الشارع ما بين الممكن وغير الممكن يبرز هتافاً لطالما ارتفع في ميدان الاعتصام وهو إطلاق سراح موقوفي الرأي حسب تعبير البعض والسجناء السياسيين حسب تعبير البعض الآخر والاسرى حسب تعبير البعض الثالث ، ليمتد هذا الوصف على جميع الموقوفين في قضايا النشر وقضايا اطالة اللسان وقضايا الشغب اثناء الاعتصامات بالرغم من ان بعض هذه القضايا تعتبر مخالفات قانونية وتوجد نصوص في القانون تعاقب عليها ، كما ان بعضها يتعلق بحقوق الآخرين مثل القضايا التي يرفعونها على بعضهم على خلفية قضايا النشر . وانا وإن كنت ادعم مطلب الإفراج عن موقوفي الرأي اذا وجدوا ولكن التوسع بمفهوم المشمولين بهذا المطلب والمبالغة في توصيفهم وعددهم يضع الكثير من العراقيل على طريق تطبيقه ، وقد يجعل ذلك مستحيلاً في الكثير من الحالات . هذا وقد قامت الجهات الأمنية بتوقيف بعض المشاركين بالاعتصامات ولكن ليس بسبب مشاركتهم بها ولكن لخروجهم عن الإطار الصحيح ولكنها كانت تطلق سراح معظمهم وكما أطلقت سراح بعض الموقوفين قبل انطلاق التحرك الأخير الا ان هذا الهتاف وهذا المطلب ظل يتصاعد بين المعتصمين في كل مرة .
كما ارتفعت شعارات تطالب بإصدار قانون للعفو العام والذي هو كان على طاولة البحث من قبل الحكومة . ولم يكن قانون العفو المطلوب من قبل المعتصمين واضح المعالم ولم يكن محدداً ببنود مطلوب توفرها في هذا القانون والذي يريد كل شخص من المعتصمين ان يحقق من خلاله غاياته ومصالحه الخاصة بغض النظر عن إمكانية ذلك وحقوق الغير ولم يخفف من لهجة الهتاف لهذا المطلب التوجيهات الملكية السامية بسرعة إصدار هذا القانون والمتوقع ان تقرة الحكومة خلال اليومين القادمين .
من ضمن هتافات المعتصمين في الشارع إلغاء قانون الجرائم الإلكترونية . وبالرغم من ان الحكومة استجابت لاهم بند يتعلق بهذا القانون وهو تعريف خطاب الكراهية وتعديل العقوبات على مرتكبي مخالفة موادة ، حيث قامت بسحب مشروع القانون من مجلس النواب وقامت بتعديل تعريف خطاب الكراهية وتنزيل كافة العقوبات على مخالفي بنود هذا القانون لتصبح اشدها سنتين سجن لتخرجه من التوقيف الوجوبي الى ان يصدر قرار قطعي بذلك اما بالإدانة او عكسها . الا ان ذلك لم يوقف المطالبة بإلغاء قانون الجرائم الإلكترونية برمتة لترك الفضاء واسعاً لمن يريد اغتيال الشخصيات وممارسة خطاب الكراهية والطائفية بحجة حرية الرأي المطلقه في حين ان معظم تشريعات الدول في العالم اما سنت قوانين تحد من هذه الحرية في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي او هي بطريقها لفعل ذلك . وبالرغم من ان الرافضين لهذا القانون هم اول من يستعمله فيما اذا تعرض لهم شخص آخر بما لا يرضيهم .
ثم نعود لبقيه المطالب والهتافات التي رددها المعتصمون في الشارع مثل محاربة الفساد ومحاكمة الفاسدين واسترداد الأموال المسلوبة والمنهوبة ومحاكمة من سلبوها ونهبوها . واسترداد مقدرات الوطن وتحقيق العدالة بين جميع أفراد الشعب وان لا تستأثر فئة منه بكل شيئ على حساب الآخرين وتغير النهج الذي تتم به تشكيل الحكومات في الاْردن . واعادة النظر في التعديلات على قانون الضريبة وتخفيض الأسعار على جميع السلع بما فيها المشتقات النفطية ، وإلغاء بدل المحروقات عن فاتورة الكهرباء وتخفيض اسعارها وإيجاد فرص عمل للعاطلين عن العمل وزيادة الرواتب فأنها كلها حلم كل اردني وأمنيته ولكن تحقيق ذلك كله ليس بالأمر الهين والمتاح وخاصة اذا كان المطلوب تنفيذها فورا .
وكان الامر يحتاج الى خارطة طريق يتم الاتفاق عليها وإعلانها والبدء بتنفيذها تدريجياً وان تكون الجهات الرسمية هي الضامنة لتنفيذها والفئات الشعبية هي المراقبة لهذا التنفيذ . ويتم خلالها السير وبخطوات متسارعة في درب الإصلاح ومحاربة الفساد وفي تغير النهج عن طريق تعديل قانون الأحزاب وبحيث تقتصر على ثلاثه او اربع احزاب فقط وان لا يقل عدد المؤسسين للحزب الواحد عن خمسين ألفاً وان يكونوا يمثلون جميع محافظات المملكة او على الأقل أغلبيتها . وبالتوازي ان يتم اعتماد قانون انتخاب حديث وعصري يخرجنا من مأزق قوانين الانتخاب السابقة ويمكن ان يتم اقرارة بإستفتاء شعبي . ثم تجري انتخابات تشريعية لمجلس النواب بغرفتيه على أسس حزبية ويقوم المواطنون بالانتخاب بناء على البرامج الحزبية المطروحة ، والحزب الذي يفوز بالأغلبية يشكل الحكومة مع احتفاظ جلالة الملك بوضعه الدستوري بأعتباره الضامن الوحيد لتنفيذ برنامج العمل هذا مع القبول بتعديلات دستورية اذا تطلب الامر ذلك وفي إطار المصلحة العامة . وخارطة الطريق هذه والتي لا ارى بديلاً عنها هي التي سوف تخرجنا من عنق الزجاجة التي نرقد حالياً في قعرها .
وهذا مما لا شك به يحتاج الى الوقت الكافي ولكن دون تسويف او مماطلة ودون توقع ان يتم ذلك بين ليلة وضحاها الامر المستحيل حصوله ، ولا فأن هذا سيعني بقاء المعتصمين بالشارع وبقاء يد الدولة مغلولة عن تنفيذ أي مطلب من مطالب المعتصمين مما يعني ذهاب الطرفين الى المجهول .
وقبل ان اختم فأنه لابد من تحقيق مطلبين الاول من قبل المعتصمين والمتمثل بالسيطرة على الهتافات والشعارات الخارجه عن النص والتي أخذت تعلوا في ساحات الاعتصام متجاوزة كل السقوف ومنحدرة دون مستوى كل الاخلاقيات . وان يعلم المعتصمون ان جلالة الملك خط احمر عليهم ان لا يقتربوا منه . وان لا يغالوا في مطالبهم الامر الذي يجعلها مستحيلة التحقيق . والمطلب الثاني ان تظهر الجهات المسؤولة في الدولة نيتها الجادة بتنفيذ مطالب الجماهير المشروعة وان تجعلهم يرون ذلك يتحقق على ارض الواقع وان يعمل الطرفان على تخفيف حالة الشحن والتشنج في المواقف وان يضعوا نصب اعينهم ان لا حل الا عن طريق التوافق . وعاش الاْردن ونظام الحكم في الاْردن وعاش الشعب الأردني وعاش جلالة الملك المعظم .