بسبب الظروف المعيشية الصعبة التي نعيش حتى أحلامنا تغيرت ، وتتعجب من سعادة احدهم بحلمه بالأمس وهو أنه ذهب للترخيص ولم يجد مخالفات على سيارته ، وآخر أنه ذهب برحلة مع عائلته وأكلوا شاورما مع بطاطا ثم نقرشوا بزر عين شمس … وبعضهم كان سعيد جدا وتبين أن الحلم هو استلامه دعم المحروقات ، ولم أتعجب من فرحة أحدهم بأن حلمه هو تسديد قسط الغسالة ذا الشهر!
مع أن الأاحلام هي فرصة للمرء أن يسرح كيفما يشاء، أو أن يمتلك ويشتري مايشاء لأنه في عالم آخر ليس فيها سياسات حكومية ولا مجالس نواب تعكر مزاجه. ومع ذلك لم نعد نسمع من يحدثنا إن كان حلمه امتلاك قصر أو أنه وجد ذهبا أو سافر إلى فرنسا.
أنا مرة تعشيت خروفا محشيا مع كيلو كنافة ونمت متكشف ومع هذا العشاء الفاخر يحق لك أن تحلم أن تسافر إلى القمر. ومع ذلك لم اجرؤ في الحلم أن أسافر إلى العقبة لشراء كيلو كاشو بل سافرت الى المقبرة وشاهدت اجدادي يسألوني عن احوالنا وقمت مفزوعا وشربت بيبسي بدل الماء !
الوزراء مثل الشعب وهم اكثر اطلاعا منّا على احوال البلد ، وبالتالي مثل رئيس الوزراء ربما اكثر الاحلام سعيدة لديه هو أن يرى تحسن خدمات النظافة في مستشفى البشير وليس تسديد المديونية أو تخفيض العجز أو تحسين نسب البطالة.
ووزير الزراعة ربما يحلم بمن ينادي على البندورة بنصف دينار لا أن يحلم بتصديرها الى أوروبا ففي الحلم قد تظهر له نسب الهرمونات فيها. أما وزير الصناعة فكل حلمه أن لا تكتشف شحنة قمح مستوردة فيها حشرات، وليس أن يرى صناعة وطنية في أسواق الولايات المتحدة حتى لو كانت تلك الصناعة عجينة الكلاج . أما وزيرة التخطيط فكل حلمها أصبح الحصول على قرض ميسر لتمويل طباشير المدارس وليس قرضا لبناء سكة حديد تربط الشمال بالجنوب !
هذا واقع الحال الذي انعكس على احلامنا إن كنّا شعبا أومسؤولين. ولكن ، شذّ عن هذه القاعدة الوطنية وزيرة الطاقة والثروة الوطنية وتحدثت في أحد المؤتمرات عن استعدادنا لتزويد اوروبا بالطاقة ؟!
الآن لو تم تزفيت دخلتنا ، لحضر رئيس الوزراء ومعه نصف الفريق الوزاري لافتتاحها في ظل انعدام الانجازات ولتحدث الرئيس عن تزفيت الدخلة على أنها منجز وطني .. بينما تزويد أوروبا بالطاقة تتحدث عنه وزيرة في مؤتمر عابر وكأننا سنزودهم ببيض المائدة ولا يترك الحديث لهذا المنجز العظيم على الأقل لرئيس الوزراء ليضمه لمشروع النهضة .. في بلد لم يعد لديها فائض في الخبيزة وليس في الطاقة تريد معاليها تزويد قارة بأكملها بالطاقة ، ولا أدري ما الهدف من بناء ميناء الغاز وانشاء المفاعل النووي واتفاقية الغاز مع الاحتلال وهذا الهدر لإقامة تلك المشاريع العملاقة للحفاظ على أمن الطاقة للملكة، ولدى الوزيرة طاقة تكفي أوروبا !
نريد تزويد أوروبا بالطاقة، ونحن إذا ارتفعت الحرارة عن عشرين أو انخفضت عن عشرة تنقطع الكهرباء عن نصف مناطق المملكة بسبب ثقل الأحمال وعدم تحمل الشبكات. إذا زبط التصدير أعتقد أن ( النواسة ) في غرف النوم لن تشتعل !
استعدي معاليك لتنعم سما السرحان بالكهرباء هذا الشتاء دون انقطاع قبل أن تفكري بتزويد هولندا بالكهرباء ، ولكي مني جائزة ثلاث بكيتات شمع مع شمبر غاز اشتريتهم بعد أن رأيت استعدادتكم المسبقة لتزويدنا بالكهرباء بمواسم شتاء سابقة .. حد يصحي معاليها ، حتى بالحلم ما بطلعلنا نزود أوروبا بالعوامة مش بالكهرباء !
الغد