جرائم «الفوضى الخلاقة» في الاردن
ماهر ابو طير
25-07-2009 03:33 AM
ستة اسابيع مرت كانت مزعجة وخطيرة بمعنى الكلمة ، فهذه التراشقات على مستوى النواب والصحافة ، وقضايا النقابات والتطبيع ، والكروت الخضراء والصفراء ، والحقوق السياسية ، الفائضة والمنقوصة ، وهتافات الملاعب ، ووضع الاقتصاد وبورصة عمان ، والازمات الطبيعية والمفتعلة ، كلها توجب اليوم ، ان يتوقف عندها كثيرون.
البلد بخير ، لا نقول غير ذلك ، بيد ان الاستمرار بالحديث عن "تغييرات مرتقبة" على مواقع مختلفة ، امر لا يكفي ، اذ من هم اولئك الاشخاص الذين سيعيدون الهدوء الى الداخل الاردني ، وما هو البرنامج الذي سيتم العمل على اساسه ، وما هي الوصفات في وجه اثارة نزعات الكراهية والخلافات والاختلافات والخوف والذعر ، حتى بدا كل واحد بمثابة من يسحب خنجره على شخص اخر ، وما هي الحلول في وجه من يثيرون الاجواء على طريقة "الفوضى الخلاقة" في البلد ، بحيث ننتقل من ملف الى ملف ومن قصة الى قصة ، فيلهث الجميع ، في مشهد لم نر له مثيلا طوال حياتنا.
تسكين القضايا ، والقول ان البلد بخير ، امر طيب ، ينم عن حسن نوايا ، وعن اطفاء لحرائق يشعلها محترفون ، في "فرق التفجير" المنتشرة في كل مكان ، وهي فرق ينتسب اليها المعلقون على الاخبار والمقالات في مواقع الصحف والمواقع الالكترونية ، وينتسب اليها اعلاميون ونواب وسياسيون ، وادعياء ، واصلاء ومزورون ، ليبقى السؤال مطروحا حول تفعيل القوانين تجاه كثير من الممارسات الضارة والخاطئة ، فان لم تفعل القوانين ، تم تفعيل "وسائل بديلة" لالزام كثرة ، مكانها ، بدلا من تجميد القوانين والوسائل البديلة معا ، امام السعي المحموم لهز حجارة المعبد ، كل يوم ، فلا يرتاح الناس ، ويدب القلق في انفسهم ، جراء حاضرهم ومستقبلهم ، تارة باستدعاء اخطار اسرائيل ، وتارة باختراع اخطار اخرى ، وتارة بأكل الداخل لبعضه البعض ، ونحن نتفرج على المشهد باسم حرية التعبير ، والحريات العامة ، لنشهد ادارة غير مرضية ابدا لمكونات المشهد الداخلي.
حين تسمع ارقام خسائر بورصة عمان التي تجاوزت العشرين مليارا ، وتسمع ارقاما هزيلة حول بيع العقارات والاراضي ، خلال هذا الصيف ، وترى التباطؤ الاقتصادي ، والعجز في موازنة الدولة الذي اقترب من نصف مليار دينار حتى الان ، وترى فوق كل هذا ازمات يتم اشعالها هنا وهناك ، وتوتير للجو العام ، سياسيا ونيابيا واعلاميا ورياضيا ، وشعبيا ، تحت عناوين مختلفة ، يذكي سمومها حروب اغتيالات السمعة والناس ، وبث الشكوك والكراهية ، تجاه المؤسسة العامة والشخصيات واطياف الناس ، تعرف ان هناك مشكلة بحاجة جهود جبارة لوضع حد لكثير من فصولها وتداعياتها ، وتبسيط الاشياء ، لا ينهي المشكلة ، هو هروب من المشكلة واعادة جدولة لها ، وهو حل غير مقبول امام محاولات تشظية البلد ، واثارة الضغائن فيه ، وبث المخاوف ، وجعله مهزوزا خائفا ، من حاله واقتصاده ووحدته المقدسة ، وافاق مستقبله الحياتي والاقتصادي...فلم يبق شيء الا وتم الاختلاف عليه وحوله.
السكوت على من يسعون لبث "الفوضى الخلاقة" في البلد ، سكوت سيجلب نتائج وخيمة على كل المستويات ، وقد آن اوان الحسم واعادة ترسيم كل القضايا ، ورد روحنا ، كلنا ، الى اجسادنا ، بدلا من وقوفنا جميعا على قدم واحدة ، من شدة الذعر.
منع اشعال الحرائق ، افضل بكثير من السكوت على اشعالها ، ثم التباهي بالقدرة على اطفائها.