في أحد الأيام حضرت ندوة مختصة بالحديث عن التربية الوطنية والانتماء للوطن؛ حيث ألقاها أحد الشخصيات السياسية المعروفة.
دخلت القاعة المليئة بالشباب بدأ صديقنا المسؤول باسترسال الكلام تارة يشبعنا كلام بالوطنية والتاريخ وعلاقته بالدين والضمير؛ وتارة أخرى يصحي فينا الضمير الوطني والخطاب العاطفي
وفي الحقيقة وفي لحظة غيرت قناعاتي وأفكاري وقلت في نفسي كم نحن ظالمين ونصدر الأحكام سلفا.
خرجت من القاعة وبدأت أعيد حساباتي وأغير قناعاتي وطريقة تفكيري لدرجه أنني قررت شراء شريط للأغاني الوطنية نفس اليوم ليذكرني باتجاهاتي الجديدة.
عندما خرجت من الباب الذي خرج منه المسؤول وإذا به يركب سيارة حديثة باهظة الثمن مليئة بالحرس الشخصي وسائقه الخاص الذي كان بانتظاره ليفتح له الباب ضحكت بداخلي وقلت كم أنا مغفلة.
إنني متأكدة أن هذا المسؤول الذي أصم آذان الشباب وهو يتحدث عن الإصرار والعزيمة والوطنية والصبر والقيم والمبادئ، لا ينتظر آخر الشهر بفارغ الصبر ليشتري وقودا يدفي أبناءه ولا ليسدد فواتير الكهرباء والماء ويسدد ما يسد من الديون المتراكمة عليه،
وصرت متأكدة تماما أنه لم يلوع قلبه على ابنه الذي يجلس سنوات في المنزل دون وظيفه ويتحسر على نفسيته التي تتدمر وتتحطم يوما بعد يوم
فأنت يا عزيزي توظف عائلتك كلها بالهاتف وإنني متأكدة أنه لا ينتظر صفوف المرضى في أحد المستشفيات ليستفيد من التأمين الصحي ويتحمل قسوة الممرضات والممرضين وتعامل الموظفين ليحصل على دواء أو ليكشف عليه.
والمتاكدة منه أكثر أنه لا يضطر متابعة أخبار هبوط وارتفاع أسعار الوقود والخضار والفواكه واللحوم ليسد قوت عيشه وليس مضطر أن يعتقل ويتجرد من إنسانيته والتهمة أنك طالبت أن تعيش كإنسان.
عزيزي أمشي كالطاووس في الشارع
اسجن من يطيل اللسان
اقطع رزق من يعارضك
واقطع نفس من يقارن حقوق أولاده بأولادك؛
وثق تماما أنهم بمجرد مرورك سيضربون لك التحية وستجد المنافقين يصفقون لك وكلهم سيصفون حساباتك لتمشي لهم مصالحهم الشخصية.
إذا ربطوا الدين بالوطنية فالدين ليس فقط للفقراء، وإن جعلتم الوطنية مبدءا ونهجا للشعب فالأولى أن تبدأوا بانفسكم وتنظفو قلوبكم من حب المال والسلطة واستعباد البشر.
ولا تنسى أن تطل علينا بوجهك الملائكي البريء وتطرمنا المرة القادمة بمبادئك وفي كل الأحوال سنصدقك و نصفق لك.
باختصار لاتشبعني كلام