أول من أمس التقى رئيس الوزراء عمر الرزاز الأمناء العامين للاحزاب في بيت الرئاسة حيث احتشد ما يقارب خمسين شخصا وعبر عدد منهم عن عدم رضاه عن صيغة حشد جميع الأحزاب في لقاء واحد؛ إذ لن يتاح للنقاش أن يأخذ مداه، وحتى مع تحديد ثلاث دقائق للمتحدث قصر الوقت عن تمكين الجميع من الكلام في الحوار الذي أداره وزير الشؤون السياسية بحضور وزيرة الإعلام أيضا وحصلت احتجاجات على آلية توزيع الحديث حاول الرئيس بلباقته المعهودة استيعابها.
وكان الرأي أن هذا اللقاء غير كاف والأفضل التقاء كل تيار على حدة ليحصل حوار حقيقي مع وجهة نظر معينة يطرحها كل تجمع حزبي، كما طرحت فكرة خلوة أو ملتقى أو مؤتمر للأحزاب مع الحكومة.
المداخلات على العموم كانت انتقادية وكالعادة كان هناك شكوى من تهميش الأحزاب وعدم جدية الحكومة في التعامل معها والملاحظة الجوهرية الأبرز كانت أن خطاب الحكومة يتجنب الحديث عن الإصلاح السياسي وهو ما حاول الرئيس نفيه بسرعة. وهو بالفعل بدأ حديثه مؤكدا على تلازم الاصلاح السياسي والاقتصادي وشرح لماذا؟ لكن هذا يبقى في اطار التنظير للأفكار دون خطة وبرنامج ومقترحات محددة تترجم الأفكار العامّة. فالأفكار ووجهات نظر يقولها الرئيس أفضل من أي مثقف تقدمي كما اشار بعض الحضور، لكن هو على رأس السلطة التنفيذية وينتظر منه أن يقدم برنامجا تنفيذيا.
والحق لم يكن هناك تجن على الرئيس فهو تحدث بصورة جميلة في الموضوعات التي حددها للقاء، تحدث عن الدولة القوية وهي ليست الدولة الاستبدادية بل دولة القانون والمؤسسات والمجتمع القوي الذي يعبر عن رأيه بحرية ويستخدم القانون والمؤسسات ولا يستقوي عليها وتحدث عن الإصلاح السياسي ليس كتشريعات فقط بل كوعي سياسي ومشاركة في المدرسة والجامعة والحي والانتخابات لكل المستويات، وقال إن اهتمام المواطن اليوم بالشأن العام غير مسبوق ويجب ان تستثمر الأحزاب في ذلك وتستقطب الشباب وفي النهاية عن قانون الانتخاب كأداة للإصلاح السياسي قال أنتم أدرى بالصيغ المختلفة وسوف نستقبل أي آراء ومقترحات! وللفترة القريبة القادمة اكتفى بإعادة تأكيد البدء بالحوار بشأن اللامركزية.!
حين لا يقول الرئيس أكثر من ذلك بشأن الإصلاح السياسي فليس لأنه يخفي أجندته للمستقبل بل لأنه ليس لديه أي أجندة محددة. وليس بالضرورة أن يكون لديه مقترحات أو تصور معين للتغييرات في التشريعات الناظمة للحياة السياسية لكن يجب أن يكون له برنامج معلن لأهداف الإصلاح السياسي وعندما يكون الهدف محددا يمكن مقايسة مختلف الآراء والمقترحات ونجاعتها في تحقيق الهدف المنشود.
لكن من المشروع السؤال أيضا إذا ما كانت الأحزاب نفسها تملك رؤية محددة للإصلاح السياسي بما في ذلك كيفية التقدم في الحياة الحزبية؟ فالأغلبية تشكو وتتظلم لكن في نهاية المطاف لن تحصل على مكانة ودور دون أن تحقق نجاحا انتخابيا معقولا.
ونحن نعرف أن التشكيلات القائمة لا تملك مقومات ذلك. والحال أن الانتخابات هي التي يجب أن تنتج الأحزاب ويجب تصميم تشريع انتخابي وحزبي متكامل ينتج أحزابا أو إئتلافات برلمانية وحين تفهم الحكومة ذلك وترغبه سيكون لديها اجندة محددة أو خريطة طريق لذلك. وليست الحكومة هي المخاطبة فقط بل الأحزاب ايضا وهي حين تستوعب هذه الحقيقة تكون قد عرفت ماذا تريد من الحكومة وكيف تحاورها وتضغط عليها بنجاح .
الغد